حقوقيون: فرنسا تمد البساط الأحمر لديكتاتور

إبمانويل ماكرون وعبد الفتاح السيسي في لقاء سابق -أرشيفية
إبمانويل ماكرون وعبد الفتاح السيسي في لقاء سابق بفرنسا-أرشيفية (الاناضول)

عبّر حقوقيون عن “ذهولهم لرؤية البساط الأحمر ممدودا” للرئيس المصري في فرنسا، مطالبين باريس بـ”الانتقال من الأقوال إلى الأفعال” خلال زيارة عبد الفتاح السيسي المرتقبة والتي تبدأ غداً الأحد.

وقالوا إن على النظام الفرنسي اشتراط الإفراج عن المعتقلين السياسيين لتقديم دعم عسكري لمصر.

ويصل الرئيس السيسي إلى باريس الأحد في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام وتهدف إلى تعزيز التعاون الفرنسي المصري في مواجهة الأزمات في الشرق الأوسط، من دون تجاهل المسألة الحساسة لحقوق الإنسان.

ومن المقرر أن تنطلق مظاهرة الثلاثاء من الساعة الخامسة إلى السادسة مساء بالتوقيت المحلي من أمام الجمعية الوطنية الفرنسية بدعوة من حوالى عشرين منظمة غير حكومية للتنديد بـ”الشراكة الاستراتيجية” بين مصر وفرنسا تحت شعار “مكافحة الإرهاب”.

وقال أنطوان مادلين، المسؤول في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، إحدى المنظمات الداعية إلى المظاهرة، لوكالة فرانس برس “إننا مذهولون لرؤية فرنسا تمد البساط الأحمر لديكتاتور، في حين أن هناك اليوم أكثر من ستين ألف معتقل رأي في مصر”.

وتتخلّل “زيارة الدولة” التي يقوم بها السيسي من الأحد إلى الثلاثاء، مسيرة عسكرية من مجمع ليزانفاليد إلى قصر الإليزيه تمر تحت قوس النصر، ولقاءات على أعلى المستويات السياسية.

ونددت المنظمات بالسلطات المصرية لـ”استخدامها المسرف لتشريعات مكافحة الإرهاب للقضاء على العمل المشروع من أجل حقوق الإنسان وإلغاء أي معارضة سلمية”.

ولفت مادلين إلى أنه بعدما طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من نظيره المصري خلال زيارة إلى القاهرة مطلع 2019 “حماية حقوق الإنسان”، حصل منذ ذلك الحين “تصعيد في القمع” أفضى إلى “أخطر وضع في تاريخ مصر الحديث”.

وقال إن “محامين وصحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان يتعرضون لملاحقات ومضايقات وقمع” في البلاد.

وأوضح أن “الانتقال من الأقوال إلى الأفعال” يعني “وقف صفقات بيع الأسلحة ومعدات المراقبة الإلكترونية من شركات فرنسية في الظروف الحالية، وإلا فستكون (فرنسا) متواطئة في القمع”.

وأبدى الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ارتياحه لإعلان مصر الخميس إطلاق سراح ثلاثة مسؤولين في “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، استجابة لدعوة 17 منظمة غير حكومية دولية وشخصيات بينهما الممثلتان سكارليت جوهانسون وإيما تومسون.

لكنه أكد أن “مصر تبقى ديكتاتورية، وإن تم الإفراج اليوم عن شخصين أو ثلاثة أشخاص، فسيتم توقيف غيرهم الأسبوع المقبل”.

ويشير المدافعون عن حقوق الإنسان إلى أن فرنسا تخطت الولايات المتحدة من حيث مبيعات الأسلحة لمصر، مع وصول قيمة صفقاتها إلى 1,4 مليار يورو عام 2017.

وتحدثت سيلين لوبرون عن زوجها الناشط المصري الفلسطيني رامي شعث، أحد وجوه الربيع العربي في القاهرة عام 2011، الموقوف “احترازيا” منذ اعتقاله في الخامس من يوليو/ تموز 2019.

وقالت لوبرون التي تدرّس العلوم السياسية لوكالة فرانس برس “ملفه فارغ تماما، الاتهامات (بإثارة اضطرابات ضد الدولة) خالية من أي عناصر أدلة” ضد الناشط الذي تم تجديد حبسه احتياطيا 19 مرة خلال 17 شهرا، ولم تتمكن زوجته من التحدث إليه هاتفيا سوى مرتين في مايو/ أيار وأغسطس/آب.

وأوضحت أن زوجها محبوس مع 13 سجينا آخرين في زنزانة مساحتها 25 مترا مربعا و”ينام أرضا على أغطية”، في حين أنه يعاني من وضع صحي هشّ.

صورة من داخل أحد السجون المصرية (الجزيرة – أرشيف)

رسالة قوية ومتماسكة

ولا تكتفي لوبرون بالدفاع عن زوجها بل تشير إلى “آلاف الأشخاص الموقوفين من دون أدلة أو بموجب اتهامات متعلقة بالإرهاب، في حين انتقدت الأمم المتحدة استخدام مصر هذه التشريعات”.

وتنتظر لوبرون من ماكرون والمسؤولين السياسيين الذين سيلتقيهم السيسي في باريس توجيه “رسالة قوية ومتماسكة” تحمل مصر على الإفراج عن “زوجها ومعتقلي الرأي المصريين الآخرين”.

وتؤكد لوبرون أن فرنسا والاتحاد الأوربي والمؤسسات الدولية “تملك وسائل كفيلة بحمل مصر على تغليب المنطق”.

ويوصي المدافعون عن حقوق الإنسان بربط أي مساعدة لمصر بوجوب تحقيق تقدم على صعيد حقوق الإنسان، وهو ما وعد باعتماده الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن.

وينتقد الناشطون الحقوقيون تأكيدات فرنسا بأن مصر تشكل “عامل استقرار في المنطقة”.

وتقول سيلين لوبرون “يتهيأ لي أن مصر تشبه أكثر فأكثر طنجرة ضغط على وشك الانفجار”، في حين أن ناشطي المجتمع المدني مثل زوجها يمكنهم تجسيد “معارضة سلمية وديمقراطية”.

ويفترض أن يلتقي السيسي ماكرون بعد سنتين تقريبا على اجتماعهما على انفراد في القاهرة الذي كشف خلافات حول مسألة حقوق الإنسان.

وكان ماكرون عبر في 27 يناير/ كانون الثاني عن أسفه لأن الوضع لا يتقدم  “في الاتجاه الصحيح” في مصر بسبب سجن “مدونين وصحفيين وناشطين”.

وردّ السيسي الذي يتولى رئاسة مصر منذ 204 بعدما أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي عن السلطة “لا تنسوا أننا في منطقة مضطربة”.

ومن المقرر أن يقوم رئيسا البلدين باستعراض تعاونهما في قضايا الأمن الإقليمي الكبرى من مكافحة الإرهاب إلى الأزمة الليبية بما في ذلك التوتر في شرق البحر المتوسط.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية