عمر الحاسي: برلمان طبرق يؤسس لشمولية عسكرية والاعتماد على حفتر كارثة إنسانية بكل المقاييس (فيديو)

قال عمر الحاسي رئيس وزراء ليبيا الأسبق إن المسألة المهمة في ليبيا الآن ليست مجرد انعقاد الانتخابات وإنما الهدف الأهم هو نتائج الانتخابات، ولا يستقيم أن يكون الرأس الذي صُمم ليدمر هو الرأس نفسه الذي يبني ويعمر.

وذلك بعدما أعلنت المفوضية العليا للانتخابات الليبية خطتها لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من دون تحديد مواعيد أو آجال لإجرائها.

وتابع الحاسي في حديث لبرنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر “نحن ننظر إلى المرحلة المقبلة على أنها ختام للفترة الانتقالية والبدء في التأسيس لدولة الحقوق والدستور، لأن ليبيا منذ 2011 وحتى الآن تمر بأزمة إنسانية أخلاقية، ونعاني من فرضية مزعجة تؤرقنا في ليبيا وتفرض علينا الإسراع بالعملية الانتخابية”.

وأضاف “اتضح لنا أن الفوضى في حالة تضخم، وقد تفرّد البرلمان الليبي بإنتاج قوانين من دون مراجعة المجلس الأعلى للدولة، وهذه فوضى لأنه وفق الاتفاق السياسي الليبي (اتفاق الصخيرات) فإن أي إصدارات بشأن الانتخابات تُعرض على المجلس الأعلى للدولة”.

وأشار إلى أن مجموعة من الحقوقيين قد رفعوا قضية أمام القضاء العالي اعتراضًا على هذا التفرّد الغريب -على حد تعبيره- لا سيما وأنه لا يحق للبرلمان الليبي أن يضع أولوية يختار من خلالها برأيه الخاص وجود أولوية للانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات البرلمانية ولو حتى بشهر، لأن المجلس الأعلى للدولة لم يُستشر في ذلك.

واستطرد “اتضح أن البرلمان -وهذه أقولها بصدق- يحاول سن مجموعة من التشريعات تطابق المادة العسكرية لشخص ما موجود في شرق ليبيا (في إشارة إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر)، وهذا تأسيس لشمولية عسكرية، وما زلنا نستغرب في ليبيا ونتساءل: لماذا تُوضع العربة أمام الحصان؟ وكيف يُنتخب رئيس للبلد قبل الدستور؟”.

وتابع “لو انتخبنا رئيسًا الآن، بماذا سيحكم وكيف سنحاسبه؟ ومن ثم فإننا نؤسس لديكتاتورية قادمة، ما يدفعنا لضرورة الاتفاق على إنهاء مشروع الوثيقة الحاكمة (الدستور) في ليبيا”، مضيفًا “نحن نتخوف من تكرار ما جرى في 2017 عند تفويض الحاكم العسكري في شرق ليبيا، خليفة حفتر، وسكان شرق ليبيا لا يتجاوز المليون ونصف المليون، يومها خرجت الموافقة على تنصيب حفتر رئيسًا للبلاد بعدد مليون و700 ألف صوت، أي بما يزيد عن سكان شرق ليبيا بأكملها بـ200 ألف صوت”.

وواصل الحاسي “نحن أمام مسؤولية خطيرة، والمراجعة أمام مجلس الدولة مهمة، قد تُضفي على منتجات البرلمان بعض الشرعية، في حين أن إغفال مجلس الدولة يسوقنا إلى لحظة مرعبة في التاريخ الإنساني المعاصر، إذ إنه بعد اعتراف من شرّع للموت شرق ليبيا وغربها بارتكابه خطأ، غير أننا نواصل الاعتماد على هذا الشخص (في إشارة إلى حفتر) في بناء منظومة قوانين تؤسس للأخلاق في ليبيا القادمة، هذه كارثة إنسانية، كارثة في العقل”.

وأعرب أعيان ومشايخ من إقليم برقة شرقي ليبيا، أمس الأحد، عن تمسكهم بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن في موعدها المحدد، ودعوا إلى إلغاء المادة 20 من قانون انتخاب مجلس النواب، بحسب إعلام محلي.

ومن المقرر إجراء هذه الانتخابات في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، لكن ربما تعرقلها خلافات راهنة حول الصلاحيات وقانوني الانتخابات بين مجلس النواب من جانب والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) وحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي من جانب آخر.

وقال أبو بكر مردة عضو مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا -خلال حديثه لبرنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر- إن المفوضية جهة تنفيذية تتولى تنفيذ العمليات الانتخابية والقوانين والتشريعات الصادرة من البرلمان، وتقف على مسافة واحدة من جميع أطراف المشهد الليبي.

وبالرغم من تسليمه بأن المجلس الأعلى للدولة شريك أساسي ولا يستطيع أحد أن يتخطاه، إلا أن مرده قال “نحن كمفوضية مؤسسة بموجب قانون رقم 8 لسنة 2018 ، فإن المفوضية تتبع الجهة التشريعية، ومجلس النواب يمثل تلك الجهة التشريعية القائمة، كما أن ملتقى الحوار الليبي يتحدث عن بعض نقاط التوافق وصولًا إلى الانتخابات، وتحدّد 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل موعدًا لإجراء الانتخابات.

وأضاف “نحن ننفذ ما يصدر عن الجهة التشريعية، ولا نملك حق رفض هذه القوانين وليس ذلك باستطاعتنا”.

وفي وقت سابق اليوم، قالت المفوضية العليا للانتخابات الليبية إنها ستعلن نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية بشكل متزامن، في حين أن مجلس النواب كان يقول إن الانتخابات البرلمانية ستكون بعد شهر من الانتخابات الرئاسية.

وتنص المادة 20 على أن يحدد مجلس النواب الحالي تاريخ انتخابات المجلس الجديد بعد 30 يوما من اعتماد انتخاب رئيس البلاد، وهو ما اعتبره رافضون مخالفة لخارطة طريق، برعاية الأمم المتحدة، التي تنص على تزامن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وعلّق أبو بكر مردة على هذا التباين قائلًا “بدأت المفوضية تنفيذ العمليتين الانتخابيتين بالتزامن، وقد بدأنا بتسجيل الناخبين منذ يوليو/تموز الماضي، والتزامن يعني أننا نفتح باب قبول الترشح والتواصل مع من يود الترشح للعمليتين الرئاسية والبرلمانية ليتمِّم إجراءاته خلال هذه المرحلة حتى نصل إلى يوم الاقتراع المحدد”.

واستطرد “نقبل الترشحات في وقت متزامن، ولكن انتخابات رئيس الدولة تُجرى في موعد، وبعد 30 يومًا من انتخاب رئيس الدولة تكون هناك جولة ثانية لانتخاب رئيس الدولة بالتزامن مع انتخاب نواب البرلمان”.

واستدرك مرده “لا نستطيع الجزم بعقد الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل لأن هناك إجراءات يجب إنجازها وملاحظات قُدّمت إلى الجهة التشريعية (البرلمان)، ويجب أن تتسلم المفوضية هذه الملاحظات وبالتالي تتولى عملية تنفيذ القوانين وفق النصوص الواردة فيها، وتظل بعض الملاحظات مطلوبة وإلى الآن لم نتسلم هذه الملاحظات”.

وأضاف “نضع خطة زمنية لمراحل العملية الانتخابية، وهذه الخطط تحدد مراحل قبول الترشحات والطعون ثم تحديد يوم الاقتراع، وهي عملية بحاجة إلى ضوابط ومعايير”.

ولم يقدم مرده جوابًا واضحًا بخصوص تنفيذ الانتخابات من عدمه في 24 ديسمبر المقبل، وقال “لا نستطيع الجزم بإجراء الانتخابات من عدمه في 24 ديسمبر، لكننا بحاجة إلى سلاسة في التعاطي أو بالأحرى فإننا مستمرون في عملية تنفيذ القوانين الانتخابية، وستكون هناك انتخابات سواء أكانت في 24 ديسمبر أو قبل ذلك أو بعده”.

وفي السياق، قال النائب البرلماني جبريل أوحيده “لسوء الحظ فإن قوات وتيارات بعينها -بمساعدات خارجية- تنقلب على الثورة الليبية وهي التي أوصلتنا إلى ما نعانيه الآن من أزمة تتعقّد فصولها يومًا بعد يوم”.

وأضاف في حديث لبرنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر “نحن أمام مفترق طرق، وبعد 10 سنوات يُعاد القرار للشعب الليبي، وقد نجح مجلس النواب في إعادة الحق إلى الشعب لاختيار قيادة تتولى زمام الأمور خلال المرحلة المقبلة وتعمل على حلحلة الأزمة”.

وبدوره، أكد محمد عبد الناصر بنيس الناطق باسم المجلس الأعلى للدولة في ليبيا على ضرورة إجراء الانتخابات لإخراج المجلسين (مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة) من المشهد السياسي، وإعادة تجديد الشرعية عبر انتخاب الشعب برلمانه وصولًا إلى إنهاء الانقسام السياسي الراهن في ليبيا.

واستدرك بنيس في حديث لبرنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر “يجب أن تُجرى هذه الانتخابات على أسس دستورية وفق ما جاء في الإعلان الدستوري، تفاديًا للطعن فيها وعندها سنعود إلى المربع الأول”.

وتهدد الخلافات الراهنة بشأن الصلاحيات وقانوني الانتخابات انفراجا سياسيا شهده البلد الغني بالنفط، حيث تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، في 16 مارس/آذار الماضي، مهامها لقيادة البلاد إلى الانتخابات.

ولا يزال حفتر يتصرف بمعزل عن الحكومة الشرعية، ويقود مليشيا مسلحة تسيطر على مناطق عديدة، ويلقب نفسه بالقائد العام للجيش الوطني الليبي منازعا المجلس الرئاسي في صلاحيته.​​​​​​​

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات