نهار دائم ودرجة حرارة -58.. باحث مصري في القطب الجنوبي لكشف أسرار اللحظات الأولى للكون (فيديو)

من أبعد نقطة على كوكب الأرض وفي منطقة لا تغيب عنها الشمس، يمكث الباحث المصري أحمد سليمان 3 أشهر ضمن فريق علمي أُرسل لمهمة كبرى في القطب الجنوبي، وهو أول عربي يصل إلى هناك ويرفع علم بلاده.

يقول سليمان إن آلية الاتصال شديدة الصعوبة لأن القطب الجنوبي منطقة منعزلة للغاية ولا وجود لبنية تحتية مناسبة، فمصدر الإنترنت الوحيد هو القمر الصناعي التابع لوزارة الدفاع الأمريكية ولمدة 5 ساعات فقط يوميا.

تحدّث سليمان -وهو باحث في مجال الهندسة والفيزياء الفلكية- إلى الجزيرة مباشر من غرفته بمبنى الباحثين والعلماء القريب من موقع المهمة العلمية، حيث درجة الحرارة 23 تحت الصفر، بينما في الخارج تتخطى 58 تحت الصفر.

وتابع “هذا بالإضافة إلى نهار دائم طوال الصيف وكأنك تعيش في زمن بلا نهاية ناهيك عن تأثير ذلك على الجسم والساعة البيولوجية، ويتم ضبط الوقت حسب التوقيت النيوزلندي لتحديد أوقات العمل والغداء والصلاة”.

وسليمان هو الباحث العربي الوحيد ضمن الفريق العلمي التعاوني (بايسيب/كيك) الذي يعد من أكبر الفرق البحثية في مجال الفيزياء الفلكية.

ويشرح المهمة قائلا “تجربتنا تتلخص في محاولة رصد موجات عمرها بلايين السنين لإمدادنا بمعلومات عن أسرار اللحظات الأولى في عمر الكون المليء بمليارات المجرات والنجوم والمجموعات الشمسية والطاقة المظلمة”.

وتابع “نحاول رصد كيف حدث الانفجار العظيم من 14 مليار سنة وما حدث لحظة الانفجار وأهمية ذلك يشبه تمامًا دراسة ظروف نشأة إنسان ما للتنبؤ بنتائج سلوكياته، كذلك فإن دراسة بداية الخلق ومعرفة كيف تكونت العناصر الأساسية لحظة الانفجار العظيم وما إذا كانت هناك أكوان أخرى موزاية لا نعلم عنها شيئًا، كل ذلك يساعدنا في رسم صورة لمستقبل الكون”.

المهمة التي يشارك فيها أحمد سليمان هي تعاون علمي ضخم بين جامعته (كالتك)، ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ويضم الفريق أيضًا علماء من جامعات هارفارد وستانفورد ومينيسوتا.

وتسعى المهمة التي وصفها سليمان بالتاريخية، لرصد موجات الجاذبية التضخمية وتحليلها بحثًا عن أجوبة وتفاصيل تتعلق بمراحل نشأة الكون وبداية الزمن والخلق ضمن نظرية الانفجار العظيم الذي خلّف موجات ما زالت تسبح في عالمنا إلى اليوم، ويعد القطب الجنوبي أفضل منطقة لرصد تلك الموجات الدقيقة.

وقبل سفره في 2015، كان أحمد عضوا في هيئة تدريس جامعة زويل بمصر، وكانت فرحته الكبرى عندما التحق بجامعة كالتك بكاليفورنيا والتقى الدكتور أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل.

وتحدث سليمان عن دعم زويل له طوال عامين قضاهما هناك وسط صعوبات شتى بسبب اختلاف طرق التعليم بين البلدين.

وعن رحلته إلى القطب الجنوبي التي استغرقت نحو شهر، قال سليمان إنها “رحلة شاقة جدًا وزاد من صعوبتها ظروف جائحة كورونا فقد عزلنا في سان فرانسيسكو لأيام وتكرر الأمر في نيوزلاندا ثم إلى أنتاركتيكا وفي كل مرة نخضع لفحوصات كثيفة لأن إصابة أي فرد منا بالفيروس كارثة لأننا في مكان منعزل”.

واختتم سليمان حديثه بالتعبير عن فخره بمشاركته في تجربة علمية بهذا الحجم، وأعرب عن فخره كذلك برفع علم مصر في أبعد مكان على الأرض كونه العالم العربي الوحيد في فريق المهمة.

المصدر : الجزيرة مباشر