معتقل سابق في غوانتانامو يكشف للجزيرة مباشر ما تعرض له داخل السجن (فيديو)

قال المعتقل السابق في سجن غوانتانامو، منصور الضيفي، إن هذا السجن ليس للإرهابيين والخارجين على القانون، بل إن 90% من نزلائه لم ينضموا إلى أي تنظيم كائنًا ما كان، ولا علاقة لهم بتنظيم القاعدة على الإطلاق.

وعن رؤيته لما آلت إليه الأمور في أفغانستان وسيطرة طالبان على البلاد بالتزامن مع الانسحاب الأمريكي، أكد الضيفي خلال مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر أن وصول طالبان إلى سدة الحكم ليس مستغربًا على الإطلاق، مضيفًا أن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما كان يبحث، في 2011، عن طريقة ما للخروج من أفغانستان وأرسل وفدًا إلى رجل أعمال باكستاني للتوسط في عملية تفاوض مع طالبان.

واستطرد “ليست هناك مفاجأة في وصول حركة طالبان للحكم، لكن المفاجأة تتمثل في السرعة التي وصلوا بها للعاصمة الأفغانية”.

وتحفَّظ الضيفي على لفظ (معتقلين) مبرّرًا ذلك بأن واشنطن حاولت الالتفاف على اتفاقية جنيف -المنوط بها حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب- مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن عددًا من الجنود الأمريكيين كان ضحية النظام الأمريكي.

وأكد الضيفي أن الجنود الأمريكيين كانوا يأتون إلى غوانتانامو خائفين ومذعورين من المسجونين، لكنهم بعد مخالطتهم والتعرف إليهم عن قرب يدرك هؤلاء الجنود أن تهمة الإرهاب ملفقة ولا أساس لها من الصحة، حتى إن منهم من انتحر ومنهم من تشرّد في الشوارع.

وبشأن الحرب على الإرهاب والتي كانت ذريعة غزو أفغانستان في 2001، قال الضيفي إنه يرى كلمة الإرهاب فضفاضة جدًا ومرادفة للحرب على الإسلام، وفق وصفه، مضيفًا أن ذلك تمثل في صور شتى منها سياسة التعذيب الممنهج والعقوبة نظير ممارسة الشعائر الدينية ومنع المعتقلين من الصلاة وإهانة القرآن الكريم، فضلًا عن وجود محققين متمرسين في دراسة العقيدة الإسلامية ناقشوهم في مسائل عقدية وخلافية.

وأشار الضيفي إلى أن القوات الأمريكية قدمته للعالم في البداية على أنه خطط لهجمات 11 من سبتمبر/أيلول 2001، وبعد 15 عامًا قالوا “يبدو أنه لم يكن عضوًا في تنظيم القاعدة، ولم يتعرف عليه أعضاء التنظيم ولا قادتها”.

وقال الضيفي للجزيرة مباشر “لم يكن الهدف من غوانتانامو كما يدعي الأمريكان أنه لحماية بلادهم واستخراج المعلومات من المعتقلين واستجوابهم، وإنما هو مختبر بشري لمجموعة من المسلمين، وأغلب المعتقلين لا علاقة لهم بتنظيم القاعدة ولا طالبان”.

وأضاف “يتألف سجن غوانتانامو من 12 معسكرًا ولكل واحد منها سياسته الخاصة في التعامل مع النزلاء، وقد أُجري بحث بعنوان (غوانتانامو وأمريكا.. سباق الله) يفصِّل مسألة تحول السجن إلى مختبر عسكري”.

ويقع معتقل غوانتانامو بخليج غوانتانامو في كوبا، ويبعد عن ولاية فلوريدا الأمريكية 145 كيلومترًا، بُني في أعقاب هجمات 11 سبتمبر واستخدم للمرة الأولى في 2002، لسجن “المشتبه في تورطهم بأعمال إرهابية أو تنفيذها” ومن وصفهم البنتاغون حينها بأنهم “أسوأ السيئين”، وتألفت الدفعة الأولى من 20 سجينًا.

وردا على سؤال: من خلال كتابه (لا تنسونا هنا) ما الذي يريد من العالم ألا ينساه بخصوص سجن غوانتانامو؟ أجاب الضيفي “هذا الكتاب للتضامن مع الإخوة المعتقلين هناك”، مشيرًا إلى أنه كتب المادة في 2010 وصودرت بعد 3 سنوات بمعرفة مكتب التحقيقات الفدرالي (إف. بي. آي)، ثم أعاد كتابته بين عامي 2015 و2016 وهو مقيّد بيديه إلى الأرض في أصفاده، وأتيحت للكتاب فرصة الخروج إلى النور قبل أيام.

ويتناول الكتاب علاقة المعتقلين بعضهم ببعض وحياتهم الاجتماعية بين جدران غوانتانامو وعلاقتهم بالجنود وكيف صمدوا طوال مدة الاعتقال.

وأمضى منصور الضيفي 15 عامًا في معتقل غوانتانامو، وأفرج عنه في 2016 من دون أن توجه أية تهمة له أو محاكمته، وتوجه إلى العاصمة الصربية بلغراد ليعيش لاجئًا فيها، تاركًا وراءه عددًا من المعتقلين في السجن سيئ السمعة من جنسيات مختلفة بينهم عرب.

أميركا تُتهم بممارسة أبشع أنواع التعذيب بمعتقل غوانتانامو وتمنع المنظمات الحقوقية من زيارته
(رويترز ـ أرشيف)

ومنذ الأشهر الأولى لإنشاء غوانتانامو، دعت منظمات حقوقية كثيرة إلى إغلاق السجن سيئ السمعة، وفي تقرير صدر خلال العام الجاري بشأن وقوع “انتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان” في غوانتانامو، دعت منظمة العفو الدولية مرة أخرى الرئيس الأمريكي جو بايدن لإغلاقه.

ومع الذكرى العشرين لإنشاء غوانتانامو، يأمل بايدن في تحقيق ما فشل فيه سلفه الديمقراطي باراك أوباما، الذي دشن حملة لإغلاق السجن سيئ السمعة واعتبره إهانة للقيم الأمريكية.

وكان أوباما قد أصدر أمرًا تنفيذيًا بإغلاق غوانتانامو في اليوم الثاني لتوليه منصب الرئاسة عام 2009، وبالرغم من انخفاض عدد السجناء من 245 إلى 41 معتقلاً خلال فترتي رئاسته، فإنه فشل في إغلاق سجن غوانتانامو، إذ رفض الكونغرس السماح بنقل السجناء الموجودين فيه إلى الولايات المتحدة.

المصدر : الجزيرة مباشر