وصلت إلى “حشو الأسنان”.. كيف أثرت حرب أوكرانيا على منظومة الصحة الأمريكية؟

تورد روسيا 40% من أكسيد النتروجين الذي تستخدمه عيادات الأسنان أثناء الجراحات (رويترز)

تلقي الحرب الدائرة في أوكرانيا بظلالها القاتمة على شتى مناحي الحياة في العالم أجمع، نظرًا لتأثر سلاسل التوريد العالمية جراء توقف أو تأخر تصدير العديد من السلع الاستراتيجية من روسيا وأوكرانيا.

وتفاقمت الأزمة وتشعبت حتى صارت تمس أدق تفاصيل حياة المواطن العادي في دول تبعد آلاف الأميال عن ساحات المعارك في أوكرانيا، ومن ذلك تأثيرها على من يشكون آلام الأسنان في الولايات المتحدة.

وتعتبر روسيا وأوكرانيا من أهم الدول المصدرة لنترات الأمونيا والغاز الطبيعي، وينتج عن تكريرهما استخلاص مادتين غازيتين لهما أهمية كبيرة في مجال الرعاية الصحية، هما أكسيد النتروجين والهيليوم، المعروف باسم “غاز الضحك”، إذ يُستخدمان في ملايين الإجراءات الطبية كل  يوم، ويجعل نقصهما كل عملية لعلاج جذور للأسنان أكثر إيلامًا، وكل أشعة رنين مغناطيسي أكثر تكلفة.

وتشير تقارير إلى أن نقص الغازين تسبب في اضطرابات أكبر في منظومة توريد احتياجات الرعاية الصحية في الولايات المتحدة.

ويقول ويلي هوب الباحث بجامعة ميتشغان الأمريكية، والمتخصص في مجال سلاسل توريد المستلزمات الطبية “إن على الحكومة والقطاع الخاص الآن مواجهة هذه الأزمة بعد أن أصبحت تهدد صحة المواطن الأمريكي”.

ويقول بوب كارشر، وهو المدير التنفيذي لشركة “بريميار” التي تعمل في مجال المشتريات إن “الهيليوم هو عنصر رائع في مجال تصريف الحرارة، وهو يستخدم في أجهزة أشعة الرنين المغناطيسي والأشعة السينية”، وأكد أن “توريدات الهيليوم تعثرت لبعض الوقت، وتفاقمت مؤخرًا بسبب الحرب”.

الهيليوم يعمل على تصريف الحرارة ويستخدم في أجهزة أشعة الرنين المغناطيسي والأشعة السينية (الألمانية)

نقص الغازات الطبية

وبعد نشوب الحرب، أصبحت موسكو ترسل كميات أقل من الغاز الطبيعي إلى الدول الغربية، وهو ما دفع دولا أخرى في العالم لتوريد الغاز إلى أوربا عبر أنابيب بدلا من شحنه في صورة غاز مسال، وقد ترتب على ذلك نقص في إمدادات الهيليوم بشكل غير مباشر، نظرا لأن تحويل الغاز الطبيعي إلى الصورة المسالة يترتب عليه إزالة مادة الهيليوم منه، واستخدامها في أغراض أخرى.

وهكذا، فإن الاتجاه إلى شحن الغاز الطبيعي عبر الأنابيب قد تسبب بشكل غير مقصود في نقص كمية الهيليوم التي تستخدم في الأغراض الصناعية.

ويقول هوب إن تكلفة غاز الهيليوم بالنسبة اللازمة لتشغيل جهاز رنين مغناطيسي كانت تبلغ نحو 34 ألف دولار في عام 2019، مضيفًا “من المؤكد أن هذه التكلفة قد ارتفعت الآن، واعتقد أن هذا النقص سوف يكون خطيرا لدرجة قد تؤدي إلى إغلاق بعض أجهزة الرنين المغناطيسي” في الولايات المتحدة.

ولا تقتصر مشكلة نقص الغازات الطبية على الهيليوم فقط، فروسيا تقوم أيضًا بتوريد 40% من أكسيد النتروجين الذي تستخدمه عيادات الأسنان أثناء الجراحات.

وذكرت دونا كرافت المسؤولة في شركة بريميار أن الشركة رصدت “ضغوطًا سعرية وارتفاعا في التكاليف” وسوف تؤثر على الأرجح على جراحات الأسنان.

وحذر كارشر من أن القطاع الطبي قد يجد صعوبة في توفير احتياجاته من الغازات الطبية في المستقبل، إذ ربما يفضل الموردون إرسال بضاعتهم إلى من يدفع أكثر خارج مجال الرعاية الصحية.

المصدر : الألمانية