السودان.. قتلى وجرحى واحتجاجات تعم البلاد ودعوات للعصيان المدني ضد إجراءات البرهان (فيديو)

احتجاجات تعم مناطق سودانية مختلفة تسفر عن قتلى وجرحى ودعوات للعصيان المدني ضد إعلان البرهان (غيتي)

قالت لجنة أطباء السودان المركزية إن ثلاثة مواطنين قتلوا إثر إصابتهم برصاص قوات المجلس العسكري “الانقلابي” حسب تعبيرها.

وأضافت اللجنة أن الأطباء رصدوا عددا كبيرا من المصابين يتجاوز الثمانين جاري حصرهم ومتابعة حالتهم.

وبث ناشطون على مواقع التواصل صورا لمصابين قالوا إنهم تعرضوا لإطلاق الرصاص في محيط القيادة العامة.

كما بثو مقطع فيديو بظهر كثافة إطلاق النار من قوات الجيش السوداني على المتظاهرين وإصابة أحدهم بشكل مباشر محيط القيادة العامة بالخرطوم.

وقال متظاهرون في محيط القيادة العامة إن عناصر من الجيش أطلقوا النار على متظاهرين اقتربوا من أسوار القيادة.

ولم يتسن لنا الحصول على تعليق حتى الآن من القيادة العامة للجيش السوداني على هذه الاتهامات.

وشهدت العاصمة السودانية، الخرطوم، مظاهرات شعبية في مناطق عدة، رفضا لتحرك المكون العسكري ضد المدنيين، وانتهاكه للوثيقة الدستورية والشراكة بين الجانبين.

ففي حي “جبرة” خرجت مظاهرات رافضة لحملة الاعتقالات التي قام بها الجيش.

وفي منطقة “الكلاكلة”، جنوبي الخرطوم، انطلقت مواكب رافضة لما يسميه المتظاهرون انقلابا عسكريا.

كما خرجت مظاهرات في “شارع الأربعين” بمدينة أم درمان منذ ساعات الصباح الأولى.

وانتشرت قوات من الجيش والدعم السريع، وما تعرف بحركات الكفاح المسلح، وأغلقت الطرق المؤدية إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية.

وأفاد شهود عيان أن متظاهرين أقاموا المتاريس وأحرقوا إطارات السيارات في شارع الجامعة وشوارع رئيسية أخرى بالعاصمة السودانية، الخرطوم، وفي أم درمان.

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في مناطق متفرقة من الخرطوم وأم درمان، بعد حملة اعتقالات نفذتها قوات عسكرية مشتركة ضد قيادات حزبية ووزراء في الحكومة السودانية.

قرارات البرهان

وكان الفريق أول عبد الفتاح البرهان قد حل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية.

وقال البرهان في خطاب متلفز إن سعي القوى السياسية نحو السلطة والاصطفافَ الجهوي والعنصري من دون اهتمام بالنواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، دعا القوات المسلحة لاتخاذ ما يحفظ أهداف ثورة ديسمبر، حسب تعبيره.

وقال البرهان إن شرعية الفترة الانتقالية قامت على أساس التراضي بين الشركاء العسكريين والمدنيين للوصول إلى الانتخابات عامة، إلا أن هذا التراضي انقلب إلى صراع قاد البلد إلى انقسامات خطيرة هددت أمن الوطن وأرضه، حسب تعبيره.

وتضمن البيان الذي تلاه عبد الفتاح البرهان تجميد العمل بالمواد التالية من الوثيقة الدستورية”

  • المادة (11) التي تنص على أن مجلس السيادة هو رأس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها.
  • المادة (12) وتنص على اختصاصات مجلس السيادة بشأن تعيين رئيس الوزراء واعتماد تعيين الوزراء والولاة.
  • المادة (15) الخاصة بمجلس الوزراء وانتماء أعضائه لقوى الحرية والتغيير باستثناء وزيري الدفاع والداخلية.
  • المادة (16) من الوثيقة الدستورية والتي تحدد اختصاصات وسلطات الوزراء وتنفيذ مهام الفترة الانتقالية.
  • المادة (24) – البند الثالث، والخاص بالمجلس التشريعي وتكوينه والحصص الخاصة بانتماءات أعضائه.
  • المادة (71) في فصل الأحكام المتنوعة، الخاصة بهياكل الحكم في الفترة الانتقالية المتفق عليها بين المكونين المدني والعسكري.
  • المادة (72) وتنص على حل المجلس العسكري بمجرد أن يؤدي أعضاء مجلس السيادة اليمين الدستورية.

واحتفى مناصرو “قوى الحرية والتغيير – الميثاق الوطني”، المعتصمون أمام القصر الرئاسي بالخرطوم، ببيان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بإعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء وإقالة جميع الولاة.

في السياق، قال موقع فلايت رادار المختص في تتبع حركة الطائرات إن رحلات دولية من مطار الخرطوم وإليه توقفت بسبب التصعيد في السودان.

وأظهرت مقاطع فيديو تداولها ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك احتشاد المتظاهرين في محيط المطار احتجاجا على الاعتقالات التي نفذتها القوات الأمنية فجر اليوم وشهدت المنطقة انتشارا كثيفا لقوات الجيش.

قوى الحرية والتغيير ترفض

ورفضت قوى الحرية والتغيير ما سمته الانقلاب على السلطة ودعت إلى عصيان مدني شامل والخروج إلى الشارع للتظاهر حفاظا على مكتسبات الثورة السودانية.

وقالت في بيان إن إعلان عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في السودان الانقلاب على السلطة، وإلغاء عدد من مواد الوثيقة الدستورية يعيد السودان إلى مرحلة المجلس العسكري الانتقالي.

ودعت إثيوبيا، وحكومة جنوب السودان، والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والمجتمع الدولي إلى إعلان رفضهم الصريح لهذا الانقلاب وعدم الاعتراف به.

وطالبت قوى الحرية التغيير بإطلاق سراح المعتقلين من مجلس الوزراء ومجلس السيادة.

كما طالبت بتنحي كل أعضاء المجلس العسكري الانتقالي وتسليم السلطة للحكومة المدنية.

اختطاف حمدوك

وكان مكتب رئيس الوزراء السوداني قد قال إن قوة عسكرية اختطفت رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وزوجته، واقتادتهما إلى جهة غير معلومة.

وأوضح المكتب، في بيان، أن القوات الأمنية اعتقلت عددا من أعضاء مجلس السيادة، والوزراء، وقادة سياسيين.

ودعا مكتب رئيس الوزراء الشعب السوداني إلى التظاهر، واستخدام الوسائل السلمية لاستعادة ثورته من أي مختطِف؛ واصفا ما حدث بأنه يمثل تمزيقا للوثيقة الدستورية، وانقلابا مكتملا على مكتسبات الثورة.

وقال البيان إن حمدوك هو القائد الذي قدمته الثورة على رأس الجهاز التنفيذي، وأهون عليه أن يضحي بحياته على أن يضحي بالثورة وبثقة الشعب السوداني.

حشود وفعاليات مسائية

بدوره، دعا “تجمع المهنيين السودانيين” إلى كسر حالة الطوارئ بحشود وفعاليات مسائية، ردا على قرارات البرهان.

وقال التجمع في بيان إن البرهان كتب نهايته بيده وعليه الآن أن يواجه غضبة شعب حررته ثورة ديسمبر من الخوف.

ودعا البيان لجان المقاومة والقوى الثورية المهنية والنقابية والمطلبية والشعبية، إلى الوحدة ومقاومة الانقلاب.

ودعا القيادي في “تجمع المهنيين السودانيين” محمد ناجي الأصم إلى المقاومة السلمية لما سماه الانقلاب في السودان.

وقال الأصم في بث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إن من واجب الجميع مقاومة هذا الانقلاب العسكري الذي يريد العودة بالسودان إلى عصر الديكتاتورية، حسب وصفه.

موقف أمريكي

أكدت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير رفض الولايات المتحدة لتصرفات الجيش السوداني، ودعته إلى الإفراج الفوري عن رئيس الوزراء والمسؤولين الآخرين الذين تم وضعهم قيد الإقامة الجبرية.

كما أكدت كارين في إحاطة إعلامية أن واشنطن ستستمر في مساعدة الشعب السوداني ودعمه لتحقيق الديمقراطية في البلاد.

وأضافت “الولايات المتحدة تشعر بقلق شديد إزاء التقاريرِ التي تتحدث عن استيلاء الجيش على الحكومة الانتقالية. نرفض الأعمال التي قام بها الجيش وندعوه إلى الإفراج الفوري عن رئيس الوزراء والمسؤولين الآخرين الذين وضعوا قيد الإقامة الجبرية. هذه الإجراءات تتعارض بشكل صارخ مع إرادة الشعب السوداني وتطلعاته نحو السلام والحرية والعدالة. والولايات المتحدة ستواصل دعمها القوي لمطالب الشعب السوداني بإحلال الديمقراطية في البلاد، وستواصل تقييم أفضل السبل لمساعدة الشعب السوداني في تحقيق هذا الهدف”.

بدوره، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب غريغوري ميكس في تغريدة إنه يشعر بخيبة الأمل والانزعاج إزاء التقارير التي تشير إلى قيام القادة العسكريين في السودان بحل الحكومة التي يقودها المدنيون واحتجاز رئيس الوزراء حمدوك ومجلس وزرائه وآخرين.

وأضاف أن هذه الاجراءات تقوض انتقال السودان إلى الديمقراطية وتهدد التقدم نحو إصلاح العلاقات بين الولايات المتحدة والسودان.

وقال كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي السناتور جيم ريش إن التقارير عن وضع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية واعتقال وزراء آخرين في الحكومة المدنية من قبل القوات العسكرية يعكس خيانة عميقة للشعب السوداني ولكل ما كافح السودان من أخل تحقيقه خلال الفترة الانتقالية.

ودانت السفارة الأمريكية في الخرطوم ما سمتها الإجراءات التي تقوض الانتقال الديمقراطي في السودان.

ودعت السفارة من سمتهم الفاعلين الذين يعطلون انتقال السودان إلى التنحي، والسماح للحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين، بمواصلة عملها المهم لتحقيق أهداف الثورة.

وأعرب المبعوث الأمريكي الخاص إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان عن قلقه من تقارير عن سيطرة الجيش على الحكم في السودان، وقال إن أي تغيير للحكومة الانتقالية بالقوة سيضع المساعدات الأمريكية في خطر.

مواقف أوربية

دعا مفوض السياسات الخارجية في الاتحاد الأوربي جوزيب بوريل الشركاء والدول الإقليمية لإعادة العملية الانتقالية في السودان إلى مسارها.

كما دان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ما سماها محاولة الانقلاب في السودان، وأكد دعمه للحكومة الانتقالية.

واعتبرت الخارجية البريطانية أن هناك خطرا متزايدا لاحتمال تدهور الأوضاع في الخرطوم ومناطق أخرى.

وقال وزير الخارجية الألماني إنه يجب إنهاء ما سماها محاولة الانقلاب على الفور.

ودعت المتحدثة باسم الخارجية الألمانية أندريه زاسه جميع المسؤولين عن الأمن والنظام في السودان إلى احترام إرادة الشعب.

وأكدت المتحدثة الألمانية على ضرورة إنهاء محاولة الإطاحة بالحكومة على الفور حسب قولها.

وأضافت “التقارير عن محاولة انقلاب أخرى في السودان مفزعة ويجب إدانتها. أدعو جميع المسؤولين عن الأمن والنظام في السودان إلى مواصلة نهج انتقال البلاد إلى الديمقراطية واحترام إرادة الشعب. يجب إنهاء محاولة الإطاحة بالحكومة على الفور. كما يجب على المسؤولين السياسيين حل خلافاتهم بواسطة حوار سلمي. إنهم مدينون بذلك لشعب السودان الذي حارب من أجل إنهاء الديكتاتورية ومن أجل التغيير الديمقراطي”.

موقف روسي

وقالت الخارجية الروسية إن الأحداث في السودان دليل على وجود أزمة حادة في البلاد في المجالات السياسية والاقتصادية نتيجة اتباع سياسة فاشلة خلال العامين الماضيين.

وأضافت الخارجية في بيان لها أن السلطات الانتقالية تجاهلت اليأس التي عانت منه أغلبية الشعب السوداني.

واعتبرت أن التدخل الأجنبي الواسع في الشؤون الداخلية للبلاد أدى كذلك إلى فقدان ثقة المواطنين في السلطات الانتقالية، وهو ما قاد إلى حالة من عدم الاستقرار عبر تكرار الاحتجاجات.

وأعرب البيان عن قناعة موسكو أن حل المشاكل الداخلية يقع على عاتق السودانيين وحدهم.

موقف أممي

ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة الانقلاب العسكري المستمر في السودان؛ وقال إنه يجب إطلاق سراح رئيس الوزراء حمدوك وجميع المسؤولين الآخرين على الفور.

وأكد غوتيريش ضرورة الاحترام الكامل للميثاق الدستوري، لحماية الانتقال السياسي الذي تم تحقيقه بشق الأنفس، حسب تعبيره.

كما شدد على ضرورة التزام السلطات العسكرية بالوثيقة الدستورية والقانون الدولي، والانسحاب من الشوارع؛ وشجع على حل أي خلافات بينها وبين المكوّن المدني في السلطات الانتقالية من خلال الحوار والتفاوض.

وخلص إلى أن الأمر سيكون كارثيا إذا تراجعت السودان بعد أن أنهت أخيرا عقودا من الدكتاتورية القمعية حسب تعبيره.

وقالت المتحدثة باسم الاتحاد الأوربي للشؤون الخارجية نبيلة المصرالي إن الوضع في السودان يتغير بسرعة، وإن هناك حاجة إلى إيقاف العنف، وإطلاق سراح المعتقلين، والحفاظ على ما سمته الانتقال التاريخي هناك.

وأضافت “الاتحاد الأوربي قلق للغاية حول قيام الجيش السوداني باعتقال رئيس الوزراء وكذلك قيادات مدنية ونطالب بسرعة إطلاق سراحهم. سمعنا كذلك عن قطع الاتصالات وهذا أمر يجب إيقافه وكذلك العنف وإراقة الدماء يجب تجنبهما. حماية الانتقال التاريخي في السودان أصبح ضرورةً أكثر من أي وقت آخر وندعو كافة الشركاء والفاعلين الإقليميين للمساعدة في عودة الانتقال إلى مساره وهذا الأمر هو الضمان الأفضل لمستقبل أكثر استقراراً في السودان”.

ودعت مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى إطلاق سراح جميع القادة السياسيين في السودان، والعودة إلى الحوار.

من جهتها، أعلنت الخارجية التركية تطلعها إلى تمسك الأطراف السودانية بالالتزامات التي نص عليها الإعلان الدستوري، وعدم مقاطعة المسار الانتقالي.

وقالت الخارجية الإثيوبية إنها تؤيد استكمال انتقال السودان إلى الديمقراطية، واحترام الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية؛ وأكدت لى ضرورة احترام تطلعات الشعب السوداني، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.

 

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات