الغنوشي وحركة النهضة.. ما الجديد؟!

الغنوشي

منذ اللحظات الأولى لانقلاب الرئيس التونسي المنتخب على الدستور والمؤسسات المنتخبة أعلن الشيخ الغنوشي وحركة النهضة “المكون الأكثر شعبية وفاعلية في المشهد التونسي ” التهدئة وعدم التصعيد، وجاءت الممارسات والتصريحات تؤكد ما أعلنه الرجل والحركة، وهو ما ترتب عليه اشتباكات وارتباكات داخل الحركة وخارجها ليس في تونس وحدها بل لدى الملايين من الشعوب العربية في منطقة الربيع العربي خوفا واشفاقا أن تلحق تونس بمصر وأخواتها فتكون من ضحايا صيف الثورات المضادة.

نعم النهضة مستهدفة وبوضوح وفقا للكثير من الشواهد والتصريحات، لكنها ليست المستهدف الأول فياتي قبلها استهداف الثورة التونسية والمسار الديمقراطي أعظم افرازات الثورة ونتائجها، المسار الديمقراطي مهدد خطير لأنظمة وحكام وملوك وأمراء المنطقة، هو أخطر من الثورات نفسها، فالثورات قد يصعب تصديرها لكن الديمقراطية كالماء العذب الذي تتشوقه أرض المنطقة الجدباء منذ عقود من الجفاف.

بين أردوغان وأربكان:

إلى الأن الغنوشي والحركة في منطقة وسط بين تجربة تركيا أردوغان وتركيا أربكان لكن ولله الحمد لم تصل بعد إلى تجربة مصر والإخوان، فلم يحشد الجمهور ولم يعتصم بالميادين ولم يسير التظاهرات والمسيرات ولم تحدث صدامات، حتى على مستوى لغة الخطاب والمفردات والمصطلحات مازال الرجل والحركة سياسيا قانونيا ديمقراطيا أخلاقيا بطريقة يحسد عليها أو ينقم بها عليه.

مازال الرجل يقدم الدستور على السلطة والحكومة على الحكم والحوار على الصراخ والصخب رغم وصف البعض له بالضعف في مواجهة الموقف. هذا البعض الذي اتهم الإخوان بالتهور وعدم الحكمة في اعتصامات رابعة وأخواتها، كما وصفه البعض بالحكمة وعدم التورط في اشتباكات وصدامات ودماء وممتلكات رغم اتهام هؤلاء للإخوان بالضعف بعد فض الاعتصامات خاصة عندما احتشد الملايين في شوارع المحافظات منذ ال 16 من اغسطس 2013 ولمدة تجاوزت العامين تقريبا.

في المقابل ما زال الرئيس التونسي يطلق الأعيرة النارية والرصاصات المطاطية هنا وهناك ومازالت التصريحات تحمل الخصومة والمكايدة بل التخوين والاتهام، لدرجة اتهام البرلمان المنتخب شعبيا بأنه خطر على الدولة، تصريحات بعيدة عن حكمة الرئاسة وقواعد السياسة لكنها تعبر عن فكر الرجل الذي طرحه قبل الانتخابات وبوضوح، وبين الرئيس ومكونات المشهد تقف الملايين على الخط الفاصل في حيرة من أمرها لا تملك المعلومات عن كيف يفكر الخصوم والفرقاء في تونس التي كانت خضراء.

الرهان:

فعلي أى شيء يراهن الغنوشي والحركة لإجهاض الانقلاب وعودة المسار الديمقراطي المعطل باسم الدستور وبسلطة الرئيس المنتخب؟!

•• هل يراهن على وحدة الصف الحزبي والشعبي على رفض الانقلاب حتى لا ترسخ أكذوبة ثنائية السلطة والنهضة على غرار العسكر والإخوان والضغط بها لعودة المسار الديمقراطي؟!

•• هل يراهن على تجنب التصعيد والصدام وعدم إعطاء فرص لتدخل الجيش الذي مازال بعيدا عن صدارة المشهد لكن لا ندري أين مكانة بالضبط؟!

•• هل يراهن على المجتمع الدولي الذي لم ينحاز حتى اللحظة إلى انقلاب قيس سعيد ومازال يعلن أنه مع المسار الديمقراطي؟!.

•• هل يراهن على ندرة الموارد والإمكانات المادية والمعنوية والفكرية لدى الرئيس وفريقه حتى لو كان مدعوما من الخليج ومصر؟

•• أم يراهن على عنصر الزمن وانكشاف ظهر الانقلاب فيعود الرئيس مرغما إلى طاولة الحوار التي رفضها والى خارطة الطريق التي سخر منها ؟!

للآن لا يوجد طريق واضح ولا سيناريو متوقع، فكل السيناريوهات واردة ومفتوحة، وتبقى تونس ومعها المنطقة في مهب الريح لم تستقر ولن تستقر، منطقة مازالت ومنذ عقود تعاني المخاض الأليم ولم يأت بعد الميلاد العظيم ، وإنا لمنتظرون !!

 

 

المصدر : الجزيرة مباشر