هنا المغرب.. هنا السحر والجمال!

أسواق أغادير

في المغرب يُطالعك السحر مِن كل اتجاه وكأنك تَتجول دَاخل أروقة التَاريخ بمُختلفِ عُصوره حيث الأصالة والمُعاصرة تَمتزجا معًا في تَناغمٍ رائع فتَجعلك تَشعر بجمال هذا البلد وسحره.

“الله.. الوطن.. الملك” تظهر لك هذه العبارة بارزة على قمة تل فى اقدم أحياء مدينة أغادير ” أكَادير” المغربية ( القصبة القديمة ) بكتابة كبيرة ليتمكن الجميع من رؤيتها من مسافة بعيدة خاصة في الليل لانها تضاء بأنوارٍ براقة ويعد هذا التل مَعْلما تَاريخيا من المدينة القديمة التي دُمرت بسبب الزلزال الذي ضرب المدينة عام 1960م، وكانت خسائر هذا الزلزال جسيمة فقد دُمر بسببه ثمانون بالمائة مِن مَبانيها بالكامل وقتل اكثر من ثلث سكانها ، وتم إعادة بناءها من جديد علي بُعد كيلومتر جنوب المدينة لتصبح مدينة حديثة، غنية بثروتها الثقافية والفنية بالإضافة الى العديد من مناطق الجذب السياحي كشواطئها الممتدة على مساحة 30 كيلومتراً، والتى تصطف على طولها الفنادق الفخمة بمعمارها المغربي ذي اللمسة العصرية الذي يميزها، والمطاعم والمقاهي ومسارات التنزه وركوب الدراجات وأشجار النخيل لتبدو وكأنها مدينة منتجعات سياحية أكثر من أي مدينة مغربية أخرى، والحدائق والأسواق التقليدية التي هي بمثابة مرآة تعكس ثقافة الشعب المغربي وتراثه العريق، ولا يمكنك زيارة أغادير أو أي مدينة مغربية دون زيارة أسواقها التى هى جزء لا يتجزأ من زيارة المغرب.

أغادير

سوق الأحد

من أشهر وأكبر أسواق أغادير “سوق الأحد ” وهو سوق تقليدي تأسس بعد زلزال عام 1960 لأن الزلزال دمر السوق القديم، وهو ليس أكبر سوق في أغادير والمغرب فحسب بل في أفريقيا على الإطلاق من حيث المساحة، ورغم أن اسمه سوق الأحد الا أنه مفتوح طوال الأسبوع من الثامنة صباحا إلى التاسعة ليلا عدا يوم الإثنين.

يضم سوق أغادير حوالي 6000 متجر، عبر 12 بوابة تُودي إلى السوق وكل منها تقودك إلى نوع معين من السلع.

والسكان المحليون وسائقو التاكسي أو (الطاكسي) بالطاء كما يُنطق محليا، يعرفون البوابات جيداَ وما يوجد خلف كل بوابة فقد أوصلني السائق دون طلب مني إلى البوابة الثامنة وهو يقول: البوابتان الثامنة والتاسعة خاصتان بالتوجه السياحي. وإنني سوف أجد فيهما كل ما سأحتاجه من الهدايا التذكارية والأشغال اليدوية الصنع كالحلي والفخار وغيرهما.

لقد وقفت للحظات أمام الباب الكبير المفتوح علي مصراعيه أشاهد السور الكبير الذى يحيط بالسوق وكأنه حصن منيع، ومنذ لحظة مروري عبر البوابه ثمانية وقد تملكني شعور كأنني قد مررت من بوابة زمن فصلتني تماما عن عالمنا المعاصر وأدخلتني حيث التاريخ القديم فكأنني دخلت عبر بوابة حصن منيع لأجد نفسي في متاهة كبيرة من المتاجر المتنوعة التى تختلط فيها الروائح المنتشرة في الهواء، مع أصوات الباعة الذين يعرضون منتجاتهم التقليدية بالعديد من الطرق المبتكرة للفت انتباه السُياح اليهم بشكل مثير للاهتمام.

والسوق مقسم لعدة أقسام، فهناك جزء خاص بالملابس التقليدية التي يرتديها أهل البلد كالقفطان الذي يعد رمزا للثقافة الشعبية لدي المغاربة والحذاء المغربي التقليدي (الشربيل أو البلغة) وهناك أيضا جزء يسمي “البال” أو “الجوطية” وهو قسم مخصص لبيع الملابس والأشياء المستعملة والمستوردة من أوربا وهي لا تجذب الفقراء فقط بل من ينتمون إلى شرائح اجتماعية مختلفة.

وهناك أيضا قسم للمأكولات الشعبية وهو مكان مناسب لتناول وجبة خفيفة مثل شواية السردين او “السرديل” كما يسميه المغاربة والتي تشتهر به أغادير وهي وجبة شعبية ومفضلة لدى الكل من السياح والمغاربة وتباع في مكان مخصص للسمك بحوالي 10 دراهم (حوالي دولار واحد) مما يجعله فى متناول الجميع، وهو متوفر على مدار السنة فهو يحتل مكانة هامة في قطاع صيد الأسماك فى المغرب.

و” المحلبات ” التي يباع فيها الحليب ومشتقاته والعصائر الطازجه لأن المغاربة عندما يشعرون بالتعب من التسكَع يحبون يرتشفون كاسا من الأفوكادو أو اللبن الرائب وهو يباع بأقل من 3 سنتات، ويوجد بالسوق أيضا العديد من بائعي الكتب والأثاث الجديد والمستعمل بالقرب من البوابه 11.

والسوق في المغرب يعد نزهة لنساء البلد، فبعد الانتهاء من تجهيز طعام الغذاء تخرج النساء وبناتهن إلى السوق ليس لغرض التسوق فحسب بل للتنزه أيضا ومشاهدة المعروضات، والزحام يزداد بشكل كبير يوم الجمعة والأحد وفي أوقات حصاد الأركَان لأن المغاربة يستخدمون زيت في العديد من وصفاتهم، لما له من فؤائد صحية عديدة وأفضل الأيام لزيارة السوق هو يوم الثلاثاء والأربعاء والخميس لأن الزوار يكونون أقل هذه الأيام وبالتالي سيكون السوق هادئا.

لوحة مستشرق

ويشتهر السوق المغربي بالتوابل ذات الألوان الرائعة فهي تستخدم على نطاق واسع في الأكلات المغربية ولقيمتها الطبية أيضا، ومن أشهرها الزعفران الذي يستخدم في التلوين، والكمون، والخرقوم (الكركم) بلونه الأصفر الفاتح، وسكينجيبر(الزنجبيل)، جوز الطيب ( الكوزة) و ليبزار (الفلفل الاسود)،  والقسبورة (الكسبرة)، والجلجلان (السمسم) وحبة البركة (السانوج) والسمسم (الزنجلان).

وتزدهر أيضا الاعشاب الطبية التي تجذبك بالروائح التي تفوح منها، فهي تعرض بكميات هائلة، وتعتبر تقليدا متأصلا في عادات المدينة. ففي متاهه الدروب وبين الرفوف المتنوعة ستشبع بالروائح والألوان والأصوات التي تتهدى إلى أنفك وأذنك .

فلقد أخبرتكم أنكم بمجرد مروركم من بوابة من بوابات السوق فإن الزمن يطوى وتشعرون أنكم داخل لوحة من لوحات المستشرقين الذين اهتموا بتراث الشرق وأبدعوا في وصف عالمنا العربي وإبراز معالمه من دقة في الألوان والأوصاف والملامح وزيارتك إلى سوق الأحد هو أحد الصور الواقعية الحقيقة لتلك الحقبة.

المصدر : الجزيرة مباشر