طالبان وما لا يملكه الإخوان!

سؤال طرحه بعض المهتمين بالحركة الإسلامية في مصر والمنطقة العربية وتناوله كل بطريقته، فالموضوع جدير بالتناول، هل من الضرورة أن يكون لانتصار طالبان والاعتراف الدولي المنتظر بشرعيتها انعكاسات إيجابية على جماعات الاسلام السياسي وفي القلب منها  جماعة الإخوان في مصر وغيرها من البلدان؟ رغم ما بينهما من خلاف واختلاف في الفكر والتنظيم والمشروع فضلا عن الجغرافيا والتاريخ ومنهج العمل بين التحرير والتغيير، هناك نقاط فارقة كثيرة منها:

أولًا: الإخوان وطالبان مدرستان مختلفان وربما متضادتان رغم أن كليهما من مكونات الحركة الإسلامية السنية، وقد حاربت طالبان المجاهدين الأفغان في تسعينيات القرن الماضي وانتصرت عليهم وامتلكت زمام الحكم، ثم تجدد الصراع بعد الانسحاب الأمريكي في بانشير بقيادة أحمد مسعود ابن القائد الأفغانى أحمد شاه مسعود، وبين إعلان الصمود والانهيار وسقطت بانشير لاعتبارات موازين القوى والمصالح الدولية التي بالطبع هي في كفة طالبان رغم أوهام الدعم الفرنسي والإيراني التي لم تصمد أمام حقائق الواقع الميداني.

ثانيًا: وجود الاحتلال الصهيوني في المنطقة العربية يمثل عقبة كؤود، وهو بمثابة عصا في عجلة الديمقراطية في البلدان العربية، كما أنه دولة حاجزة وقاعدة عسكرية ناجزة وهو ما ليس موجود في منطقة آسيا والجوار الأفغاني.

ثالثًا: الإخوان لهم تاريخ جهادي معلوم ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 ولهم موقف واضح ومعلن وعقدي من الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين ولهم فصيل مقاوم ضد الاحتلال “حماس”.

رابعًا: الإخوان في المنطقة العربية تحاصرهم أنظمة مستبدة تمثل أذرع فاعلة للمشروع الصهيوأمريكي ومراكز الثورات المضادة ضد بلدان الربيع العربي ولهم دور فاعل في حماية حدود ووجود إسرائيل بعيدا عن التصريحات والشعارات والدراما والمسلسلات.

خامسًا: الموقف الإقليمي السلبي تجاه الإخوان خاصة الخليج باعتبارهم تنظيم مهدد طموح وعابر الحدود فضلا عن المواقف السلبية السابقة من دول الخليج تجاه الإخوان منذ أوائل التسعينيات بالتزامن مع احتلال الكويت فضلا عن مرحلة الربيع العربي وفكرة تصدير الثورات التي يخشاها ملوك وأمراء الخليج وكانت سببا رئيسًا في الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي وإرادة المصريين.

سادسًا: طالبان عمليًّا حركة تحرر وطني نجحت بصورة مذهلة في هزيمة الاحتلال ليس الأمريكي ولكن الدولي بقيادة أمريكية ولم يجد التحالف الدولي من بد إلا التفاهم والانسحاب بعد تكلفة مليارية وبشرية أفسدت طموحات الغرب وأخرجته مهانا ذليلا بمعنى أن طالبان تمتلك شرعية الانتصار وهو ما لم تملكه الإخوان وإن كانوا حتى عام 2012 يملكون الشرعية الشعبية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية لكن لصندوق الذخيرة الصوت الأعلى وليس صندوق الاقتراع.

سابعًا: طالبان حركة محلية ذات مشروع وطني محدود مع امتداد  ضعيف في بلدان وسط آسيا، في المقابل الإخوان ورطوا أنفسهم بما يعلنون من مشروع وتنظيم عابر القارات بما يسمى التنظيم الدولي لذا يرى البعض أنهم مشروع مهدد وليس مشروع وطني مجدد.

ثامنًا: الموقع الجغرافي لطالبان والوجود الواقعي بقوة السلاح وشرعية الانتصار وشعبية التأييد يتماس مع دول وسط آسيا وهي دول مصالح للصين وروسيا معا وهما عضوان دائمان بمجلس الأمن لذا فالمجتمع الدولي هو الذي يسعى لمنح طالبان الشرعية بعكس الإخوان.

الخلاصة، طالبان فرضت نفسها وفقًا لقاعدة المصالح، وحماس دخلت المربع نفسه لكنها تحتاج بعض الوقت، وهو ما لم يملكه الإخوان في مصر والمنطقة وربما لن يكون.

المصدر : الجزيرة مباشر