في ألمانيا: بيوت البغاء في انتظار الأوكرانيات!

الصحافة الألمانية تكشف..والمنظمات الحقوقية تندد. والشرطة تحذر من الرجال.. كبار السن تحديداً

أوكرانيات لدى وصولهن إلى ألمانيا

على رصيف محطة القطارات في برلين ثمة رجال غامضون يمسكون لافتات كتبوا عليها عبارات مقتضبة مثل “لدينا مكان لسيدة أو مكان لسيدات وأطفال”.. يروحون ويجيئون على رصيف القطارات القادمة من بولندا وعلى متنها آلاف من اللاجئات الأوكرانيات والأطفال القصّر.

هكذا كتبت الصحفية “فيرونكا ففاشتيك” على موقع الإذاعة البافارية، وأضافت أن الشرطة هناك تراقب وتنظر بعين الريبة والشك إلى بعض هؤلاء الرجال، وهي تحاول بالتأكيد حماية النساء والأطفال من الوقوع في قبضة رجال العصابات الإجرامية التي تنشط في مثل هذه المواقف لاصطياد الأطفال والنساء، لهذا حذرت الشرطة اللاجئات من الانسياق وراء الرجال خاصّة المسنّين الذين يعرضون أموالا وأماكن للإقامة المجانية، فقد ينتهي بهنّ المطاف عاملات في بيوت البغاء القسري.

في مدينة ميونيخ تسري مخاوف كبيرة كذلك من انتعاش تجارة الجنس في المدينة انطلاقا من استغلال ظروف آلاف اللاجئات اللاتي هربن من الغزو الروسي إلى المدينة، وقد وصل عدد اللاجئين إليها من النساء والأطفال حتى الآن إلى 45 ألفا؛ فقد أعلنت عدة منظمات حقوقية ونسوية حالة الطوارئ خشية التغرير بالنساء اللواتي قدمن إلى ميونيخ وإمكانية الإيقاع بهن من طرف المافيا واستغلالهن للعمل في بيوت الدعارة، وتقول “جوليان فون كرواس” مؤسسة منظمة “يادفيجا” لمساعدة النساء “إن عصابات الاتجار بالبشر تنشط غالبا عندما تكون النساء في محنة، ومهما كانت مسمياتها من حرب أو ظروف اجتماعية أو غيرها فهن عرضة للخطر، ووفق مكتب المدعي العام في المدينة فإنه يتوقع زيادة في عدد القضايا المرفوعة بشأن البغاء القسري.

الاتجار بالبشر

في العام الماضي أجرى مكتب المدعي العام في ميونيخ تحقيقات في عدة بلاغات شملت 18 دعوى تتعلق بالبغاء القسري، وخمسة تتعلق بالاتجار بالبشر، واثنتي عشرة دعوى متصلة بمحاولات تجنيد النساء للعمل في بيوت الدعارة. وأغلبهن قدمن من رومانيا والمجر وبلغاريا، وهذه الدول الآن هي من أكثر البلدان التي تهرب إليها النساء الأوكرانيا، لذلك يمكن تخيل الحال وهن يهربن إلى عقر دار العصابات المتاجرة بالبشر أساسا!!

في ألمانيا هناك رغبة كبيرة في حماية النساء واللاجئين القصّر بالتزامن مع زيادة أعدادهم، فالأنباء أشارت إلى اختفاء عدد منهم في رومانيا وخاصة من الأطفال غير المصحوبين بذويهم، وتقوم الشرطة في أماكن وصولهم في برلين بالتنسيق مع جمعيات الشباب ووزارة الأسرة بإنشاء فرق متنقلة لحمايتهم فور وصولهم، وكذلك حماية النساء اللواتي يترصدنهن تجار البشر.

الشابة ساندرا

اهتمت جريدة “بيلد” الألمانية أيضا بالمخاطر التي قد تتعرض لها اللاجئات، وضربت مثلا بحالة الشابة الألمانية “ساندرا” التي نشأت في أسرة مفككة، فالأم مريضة عقليا والأب غائب طول الوقت، والشابة تفتقد الحنان وتبحث عن الحب والمودة، لهذا كان من السهل أن تقع ضحية لمحتال من تجار البشر تعرفت عليه عبر الإنترنت، فاستطاع التلاعب بها وانتهى بها المطاف في العمل في بيت من بيوت الدعارة، غير أنها استيقظت من محنتها بعد عدة سنوات، وعادت إلى الدراسة متخصّصة في القانون، وهي الآن متفرغة لملاحقة الذين أوقعوا بها واستغلوها جنسيا.

كثيرة هي الأعراض التي تعاني منها النساء اللواتي تلجأن إلى هذا النوع من العمل، فأغلبهن مصابات بنوبات من القلق والاكتئاب واضطراب النوم. وكلهن يتعرضن للضرب المبرح من قبل القوادين، وقد يفضي بهن ذلك إلى الموت في بعض الأحيان، وحتى عندما ينتقل الأمر إلى المحكمة، فغالبًا ما يكون للقوادين سيطرة على النساء، بحيث لا يجرؤن على الإدلاء بالشهادة. ولهذا يتم حفظ القضية، وفي هذا الصدد تبذل الجمعيات النسوية مجهودات كبيرة لحثهن على ترك هذه المهنة السيئة، وتتكفل تلك الجمعيات بالنساء إلى حين وقوفهن على أقدامهن من جديد.

وبما أن البغاء مسموح به في ألمانيا ابتداءً من سن 18 فإن كثيرات من الذين يحترفن هذه المهنة هن من الصغيرات السن، وهي سن تجعل صاحبتها غير قادرة على اتخاذ القرار السليم، لهذا تطالب الجمعيات النسوية برفع السن للنساء المرخص لهن في هذا العمل.

احتراف الدعارة

قبل عدة سنوات كنت قد قدمت عرضا لكتاب فرنسي مترجم إلى الألمانية اسمه “Mein teures Studium” أي “دراستي المكلفة” كتبته طالبة فرنسية تدعى لورا كانت قد احترفت الدعارة في سن 18 سنة من أجل توفير نفقات الدراسة، وفيه أظهرت كافة الحقائق المتعلقة بهذا الجانب الذي تسلكه بعض الفتيات الجامعيات في أوربا لتغطيه نفقات الدراسة والسكن، وكشفت فيه الكثير من أسرار الشابات اللاتي يلجأن إلى خوض هذه المهنة، وقالت إن الحاجة إلى المال هو الدافع الرئيسي خاصة في تلك المدن الكبيرة كمدينة باريس المرتفعة التكاليف.

لم تهتم لورا بإخفاء اسمها بل ذكرت اسمها الحقيقي على غلاف الكتاب، ويعتبر هذا الكتاب هو الثاني من نوعه في المكتبات الأوروبية الذي يتعرض للطالبات اللواتي احترفن مهنة الدعارة من أجل توفير النقود اللازمة للإنفاق. وعن حياتها المزدوجة ما بين الدراسة والدعارة فهي تفصل بينهما، وتقول إن الدراسة مهمة فهي تدرس الأدب الإسباني، وأما الدعارة فما هي إلا مهنة مؤقتة ستنتهي بانتهاء الدراسة.

هذه للأسف واحدة من جوانب الحياة الواقعية في عالم اليوم المادي، الذي يبتعد عن الإنسانية وينتهج أسلوب حياة ما قبل التحضر من حروب وعنصرية وكراهية وازدواجية المعايير!

البغاء القسري: قلق بخصوص اللاجئات الأوكرنيات (الصحافة الألمانية)
المصدر : الجزيرة مباشر