ماذا تريد مصر من حماس؟

عند الحديث عن العلاقات السياسية بين بلدين يجب ألا نغفل أن ركيزة هذه العلاقة مبنية على المصالح المشتركة والتعاون المتبادل وهنا في الحالة المصرية الفلسطينية أو قل المصرية الغزاوية يجب أن نفند برفق ما الذي تغير على صعيد العلاقة بين مصر وحركة حماس التي تحكم قطاع غزة .

كان من الواضح بعد الانقلاب العسكري في مصر لغة العداء من السلطات المصرية ووسائل الإعلام المحسوبة على السيسي تجاه غزة وبالتحديد حركة حماس وشيطنتها وتحميلها مسؤولية ما يحصل من تفجيرات وهذا كله زال شيئا فشيئا بعد عدة لقاءات أحدثت تحريكا للمياه الراكدة في العلاقة الثنائية بين حماس ونظام السيسي.

لغة الحوار والتفاؤل أبداها الناطقون والعائدون من وفود حماس وأن الأمور تتجه نحو تطوير هذه العلاقة وترسيخها وحتى يومنا هذا بدا واضحا التغير الملحوظ من الهجوم الإعلامي المصري لغزة ولحماس لكن لا يعني أنه لن يعود فهو يعمل وفق أجندات وخطط.

حماس قدرت لمصر حجمها ودورها الإقليمي من خلال ملف المصالحة وملف الأسرى الجنود لديها فهي بذلك تحقق مصلحة سياسية لها من مصر الدولة المحورية.

معبر رفح وكسر الحصار والتبادل التجاري كلها أمور تطلبها غزة من مصر في حين أن الأمور تسير ببطء شديد وأحيانا يشوبها بعض العوائق وما يدخل من مصر لغزة لا يلبي حاجات السكان الرئيسية.

مطالب غزة من مصر إنسانية بحته فضلا عن مطلب عودة المختطفين الأربعة لذويهم بسلام.

وما تستطيع أن تقدمه غزة لمصر هو حسن الجوار وحفظ أمنها وحدودها وعدم التدخل بشؤونها الداخلية.

مخطئ من يعتقد أن مصر اليوم هي مصر الأمس فاليوم مصر لا تملك قرارها وإن كانت تملكه فهناك كثير من الدول يمكنها أن تؤثر عليه والواضح عالميا أن الغرب والأنظمة العربية لا يرغبون ببقاء حماس المهدد الاستراتيجي لإسرائيل وبذلك واهم من اعتبر أن مصر معنية بوجود حماس في قطاع غزة ولكن في ذات الوقت إسرائيل ومصر والغرب مدركون حجم الخطر الشديد إذا تم إزاحة حماس من المشهد دون إيجاد بديل قوي يضبط ويحكم غزة لأن البديل هو الفوضى و”الدعشنة”.

بالمقابل تبقى المراوحة بالمكان وبعض (التنفيسات) هنا وهناك لكن مع إدارة محكمة للحصار المفروض على القطاع .

مصر تريد من غزة وبالتحديد حركة حماس أن تتعاون أمنيا ومخابراتيا معها في سيناء لمحاربة تنظيم الدولة وهو ما رفضته حماس لأنها ستدخل نسفها في معارك جانبية لا دخل لها بها وتنحرف بوصلتها الرئيسة الموجهة نحو القدس.

الثمن الوحيد الذي تطلبه مصر للإفراج عن المخطوفين الأربعة هو ثمن أمني باهظ جدا لا تقوى حماس على تنفيذه على الرغم من أن الأخيرة وكما سمعت من قيادي بارز له باع في هذا الملف عرضت عروضا أبرزها عدم إثارة الأمر إعلاميا حين الإفراج عنهم وعدم السماح بتصويرهم نهائيا وأن يطوى الملف  لكن دون جدوى والإجابة لا نعرف عنهم شيئا ولن تقوى حماس أيضا على تنفيذ المطالب الأمنية التي طلبت منها لأن لعنة التاريخ ستطاردها وسينفض جمهورها عنها وتهوي فيما هوت به حركات سابقة .

إذا المشكلة الآن في الثمن والمشكلة في قناعة الإقليم أن حماس مستعدة لدفع الثمن تحت ضغط الحصار ومعاناة الناس أم أنها ستبقى حماس هي ذاتها حماس وبالتالي ما نريده من مصر بسيط جدا بالمقارنة مع ما تريده مصر منا .

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها