“مشعر منى” مجمع الحجاج ومشهد البيعتين.. فيه رمى سيدنا إبراهيم الجمرات وذبح فدى إسماعيل

مشعر منى (وكالة الأنباء السعودية)

بدأ حجاج بيت الله الحرام التوافد صباح اليوم الثامن من شهر ذي الحجة 1444هـ، إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية تقربًا إلى الله تعالى راجين منه القبول والمغفرة، مقتدين بسنة نبيهم محمد ﷺ، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير، في صورة روحانية وإيمانية مؤثرة.

وأفادت الشريعة السمحة بأن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى يوم التروية والمبيت فيها في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة “سنّة مؤكدة”.

وفي ذلك المشعر التاريخي تبدأ أول صفحات الحج في الثامن من ذي الحجة كل عام. ويستقبل مشعر منى، اليوم الاثنين، نحو مليوني حاج بحسب توقعات سعودية رسمية، لأول مرة منذ جائحة كورونا قبل 3 سنوات. ويتجمع في منى وفود الرحمن سنويًّا، في أيام معدودات رغبة في نيل مغفرة رب العباد.

سبب التسمية

يرجع المؤرخون تسمية “مِنَى” إلى ما يراق فيها من دماء الأنعام في الحج، وقيل لتمنّي آدم فيها الجنة، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس مِنَى.

أما يوم التروية فسمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه منه، وفي هذا اليوم يذهب الحجاج إلى مِنَى، ويصلون فيها الظهر والعصر قصرًا، والمغرب، ثم العشاء قصرًا، من دون جمع.

ويعود الحجاج إلى مِنَى صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة بعد وقوفهم بصعيد عرفات الطاهر، يوم التاسع من شهر ذي الحجة، ومبيتهم في مزدلفة.

ويقضون في مِنَى أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه.

وقد جاء في القرآن الكريم {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} والمقصود بها مِنَى المكان الذي يبيت فيه الحاج ليالي معلومة من ذي الحجة هي ليالي أيام التشريق الثلاثة. وسُميت هذه الأيام أيام التشريق لأن العرب كما قال ابن حجر: كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحي في الشمس أي يقطعونها وينشرونها فيها لتجفيفها وتقديدها.

مكانة دينية وتاريخية

يقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، وتحَدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي “محسّر”.

ويعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، ففيه رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمرات، وذبح فدى إسماعيل عليه السلام، ثم أكد نبي الهدى محمد ﷺ هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، واستن المسلمون بسنته. كما شهد أديم أرضه بيعتي العقبة الأولى والثانية عامي 12 و13 من البعثة النبوية، وفوق ثراه بُني مسجد العقبة عام 144هـ في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور.

كما نزلت بـ”منى” سورة المرسلات، لما رواه البخاري عن عبد الله -رضي الله عنه- قال “بينما نحن مع النبي ﷺ في غار بمنى إذ نزل عليه (والمرسلات) وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها”.

ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاثة التي ترمى، وبه مسجد “الخيف”، الذي اشتق اسمه مما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، ويقع على السفح الجنوبي من جبل منى قريبًا من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء من قبله، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ.

أكبر مدينة خيام

تقدر مساحة منى الفعلية بنحو 7.82 كيلومترات مربعة، والمستغلة عمليًّا بـ4.8 كيلومترات مربعة، وتعد أكبر مدينة خيام في العالم، حيث تبلغ مساحة إسكان الحجاج فيها 2.192.000 متر مربع، على مساحة 20% من مساحة مشعر منى.

وأنشئت الخيام بمشعر منى على أسس الأمن والسلامة من خلال توفير 30 ألف رشاش لمكافحة الحرائق وأكثر من 15 ألف وحدة تكييف وتهوية. وتحيط بجموع الحجيج بمشعر منى خدمات طبية وعلاجية تتضمن 97 مركز إسعاف تابعا للهلال الأحمر السعودي.

ويعد موسم 2023 أول حج يشهد عودة كاملة للحجاج منذ جائحة كورونا، ويتوقع أن يشارك فيه “أكثر من مليونَي حاج من 160 دولة”.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالة الأنباء السعودية