عام على الزلزال.. الخوذ البيضاء: هكذا أصبحت الكارثة اثنتين في شمال سوريا

الحدث الذي استمر لثوانٍ خلف آثارًا ستستمر لسنوات

يوم تغيرت فيه ملامح الحياة وحلّ الحزن على عشرات المدن وآلاف العوائل (الخوذ البيضاء)

مرّ عام على كارثة الزلزال المدمر في جنوب تركيا وشمال سوريا، لكنها كانت سَنة ثقيلة على النازحين إذ تضاعفت مأساتهم لتجتمع عليهم كارثتا الحرب والزلزال، فالحدث الذي استمر لثوانٍ خلف آثارًا ستستمر لسنوات خاصة مع استمرار الحرب.

كان فجر 6 من فبراير/شباط قاتلًا، وتجلى التحدي الأكبر في الرقعة الجغرافية الواسعة في شمال غربي سوريا والتي تطلبت استجابة سريعة وطارئة، في ظل واقع صعب تعيشه، وهو ما حاول الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) القيام به حين أعلن حالة الطوارئ القصوى في 182 موقعًا تهدّم فيها أكثر من 2000 مبنى واستجاب لإنقاذ نحو 3 آلاف شخص وانتشال أكثر من ألفي ضحية.

وقالت الخوذ البيضاء -في تقرير لها اليوم الأحد- إن كارثة الزلزل أعادت تعريف الاستجابة الإنسانية بوصفها انتصارًا لرغبة الحياة رغم الصعوبات والتحديات الكبيرة، وكانت ملحمة شعبية حقيقية صنعها العمل الجماعي.

لم يقتصر أثر الكارثة على الخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات فحسب بل كانت هناك تحديات طويلة الأجل أمام التعافي والصمود في ظل البنية التحتية الهشة وتشريد آلاف العائلات وضعف الاستجابة واستمرار الهجمات العسكرية والاستنفاد الكبير للقطاع الطبي وتحديات انتشار الأمراض والأوبئة.

72 ساعة ذهبية في مواجهة الكارثة

رغم أن عدد الضحايا وحجم الأضرار في شمال غربي سوريا كان الأكبر على مستوى الجغرافية السورية، لم يكن هناك أي تحرك مباشر دولي ولا أممي لمساعدة المنطقة المنكوبة.

وواجه متطوعو الخوذ البيضاء والسكان هناك آثار الكارثة، وبدلاً من توسيع المساعدات وإدخالها دون أي عوائق لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، سيطر نظام بشار الأسد على ورقة المساعدات عبر الحدود “شريان الحياة الباقي للسوريين” بعد أن تسبب في مآسيهم كلها خلال مدة الـ12 سنة الماضية، وفق التقرير.

مراحل ما بعد الزلزال

مع انجلاء غبار الزلزال بَدَا جليًا أن الكارثة أكبر من أن تتحملها دول، حسب وصف الخوذ البيضاء، ولكن كان لابد من العمل للتخفيف عن السوريين الذين باتوا يعانون من كارثتين، إحداههما طبيعية والأخرى مستمرة بفعل النظام السوري وروسيا وحلفائهما. وفي هذا الإطار انتقلت الخوذ البيضاء -بمساعدة المدنيين والشركاء من دول مانحة ومنظمات متعاونة- إلى المرحلة الثانية وتضمنت فتح الطرق وحماية المدنيين من مخاطر انهيار المباني المتضررة وتأسيس مراكز إيواء مؤقتة.

أما المرحلة الثالثة فشملت رفع الأنقاض والتعافي وإعادة التأهيل وتنفيذ مشاريع البنى التحتية وشبكة المياه وترميم المدارس والجامعات والمرافق الطبية، وأشاد التقرير بدور المنتدى السوري والجمعية الطبية السورية الأمريكية و”الأمين” للمساندة الإنسانية. وأشار التقرير إلى مشاريع قيد التخطيط والتجهيز، أهمها مشروع قرية سامز الطبية لبناء مركز لمعالجة الأورام.

المتطوعات.. دور مهم وحاسم

كما أشارت الخوذ البيضاء إلى الدور المهم والحاسم للمتطوعات وقالت إنهن جزء أساسي في مراحل الاستجابة جميعها منذ اللحظة الأولى للزلزال، سواء في عمليات البحث والإنقاذ في أصعب الظروف إلى متابعة أوضاع المنكوبين بالزلزال مرورًا بالخدمات التي يقدمنها في مراكز النساء والأسرة، بالإضافة إلى تقديم عشرات الخدمات الطبية استفاد منها أكثر من مئة ألف مدني معظمهم نساء وأطفال.

نزوح فوق النزوح

انتهج النظام وروسيا سياسة التهجير القسري للسوريين خلال السنوات الـ 12 سنة التي سبقت الزلزال، الأمر الذي ترك نحو من مليوني سوري يعيشون في مخيمات تغيب عنها أدنى مقومات الحياة، ثم جاء الزلزال ليترك 40 ألف عائلة أخرى دون مأوى.

وأطلقت الخوذ البيضاء في أغسطس/آب الماضي مشروع الدعم النفسي، سعيًا للوصول لمجتمع متعافٍ نفسياً بعد سنوات الحرب وكارثة الزلزال التي تركت أثرًا نفسيًا وصدمات على مختلف الفئات، واستفاد منه أكثر من 30 ألف بين نساء وأطفال.

وخلال عام من الزلزال، تعاقب الصيف والشتاء، الحر والبرد على مراكز إيواء منكوبي الزلزال، فغمرتها مياه السيول واقتلعت رياح العواصف خيامها، وضربها الحر، وحاصرتها الحرائق، التي سلبت أرواحاً لناجين من الزلزال، والتهمت خيامهم.

ورغم معاناة المنكوبين من كارثة الزلزال، لم تتوقف آلة الحرب عن سلب أرواح السوريين بل ازدادت وتيرتها إذ شهد شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول العدد الأكبر من الاعتداءات التي لم تسلم مباني وفرق الدفاع المدني منها، حسب التقرير.

المصدر : الجزيرة مباشر