“الزنّانة” صوت الرعب في غزة.. شهادات حول آثار نفسية مدمرة على سكان رفح (فيديو)

تحلّق على مدار الساعة

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يتصاعد التركيز على آثار العدوان ليس فقط على البنية التحتية والممتلكات، بل أيضًا على الصحة النفسية للسكان المدنيين.

وتعتبر طائرات الاستطلاع المعروفة بـ”الزنّانة” من أكثر العوامل التي تؤثر في الحالة النفسية للسكان في غزة بشكل عام ومدينة رفح على وجه الخصوص.

تحليق على مدار الساعة

ما يميز “الزنانة” ليس فقط صوتها المزعج، بل الرعب والهلع الذي تتركه في نفوس الأطفال والكبار على حد سواء، إذ تحلق هذه الطائرات في سماء غزة على مدار الساعة، فتوجِد جوًّا من عدم الاستقرار والقلق المستمر يترك آثارًا عميقة على الصحة النفسية للأفراد ولا سيما الأطفال والمسنّين.

وتشارك إيناس البرغوني، النازحة من شمال غزة إلى رفح، معاناتها بسبب الزنانة مع الجزيرة مباشر، حيث قالت إن هذه الطائرة تسبب لهم صداعا يوميا في الرأس هي وعائلتها، لدرجة أنها تضع في أذنيها قطعا من القطن حتى لا تسمع صوتها المزعج ولتتمكن من النوم.

وأضافت أن هذا الصوت خلّف فيها آثارا نفسية؛ فأصبحت أكثر عصبية مع أطفالها، وتتشاجر باستمرار معهم ومع زوجها، كما تسببت في زيادة التشنجات لطفلتها الصغيرة التي تعاني مشكلة في جهازها العصبي، حيث لاحظت أن حالتها تزداد سوءا كلما حلّقت هذه الطائرات، وشددت على أن الأطفال يخافون حتى من اللعب بسبب صوت “الزنانة”.

صوت الرعب

ومن جانبها قالت الطفلة لين بردع، النازحة في رفح، إن صوت الزنانة يصيبها بالخوف والهلع الشديد إضافة إلى شعورها بالدوار، وإنها أصبحت لا تستطيع اللعب أو ممارسة حياتها بشكل طبيعي بسبب خوفها من أن تطلق الزنانة عليهم الرصاص.

وكذلك يؤكد خليل وادي، النازح من الشمال إلى رفح، على الآثار النفسية السلبية للزنانة، حيث يصفها بأنها “مرض نفسي للكبير والصغير”.

ويشير إلى أن الحياة بأكملها مرهونة بصوت الزنانة، مما يؤثر سلبًا في استقرار الأسرة، ويضيف أن صوتها يسبب له صداعا ويجعله عصبيا، ويجد صعوبة في التعامل بروية وصبر مع أفراد عائلته.

مواجهة بالسمّاعات

أما الطفل ثائر الفقعاوي، النازح من خان يونس، فأشار إلى أن أصوات الطائرات الزنانة يجعلهم يشعرون بالتعب الشديد، ولا يستطيعون النوم أو الجلوس بسلام، موضحا أنهم أصبحوا يضعون سماعات الأذن كي لا يسمعوا أصواتها المزعجة. وإضافة إلى ذلك، يشير إلى الصعوبات التي يواجهونها في حياتهم اليومية بسبب هذا الصوت المرهق، حيث يجدون صعوبة في التركيز والمشاركة بشكل طبيعي في الأنشطة اليومية.

وعبرت سعاد أبو عنزة، النازحة إلى رفح، عن معاناتها بسبب الصوت المزعج لطائرات “الزنانة”، حيث يسبب هذا الصوت صداعًا دائمًا وشديدًا في رأسها نتيجة لتأثيره المرهق. وتقول إن هذا الصوت يسبب لها ولعائلتها مشاكل نفسية عدة.

بين نارين

وتتفق معها أم حلمي الفقعاوي، التي ذكرت أنها هربت هي وعائلتها من الاحتلال إلى رفح، ولكن وجدوا القصف في كل مكان، إضافة إلى صوت “الزنانة” المرعب، وتصف الوضع قائلة “عايشين بين نارين، الزنانة والقصف”.

وفي السياق ذاته، يوضح الدكتور يوسف عوض الله، الطبيب النفسي والمحاضر الجامعي، أن الزنانة لا تقتصر فقط على كونها صوتًا، بل لها تأثيرات كبيرة على الصحة النفسية للإنسان.

ويؤكد الأضرار النفسية التي يمكن أن تسببها الزنانة، مثل القلق، والإرهاق، والخوف، والرعب، والعصبية الزائدة، وضيق التنفس، والصداع المستمر، والاضطرابات النفسية الكبيرة.

ويشير الدكتور عوض الله إلى أن طائرات الاستطلاع، المعروفة بالزنانة، لها جانب نفسي يؤثر بشكل مزعج في الصحة النفسية للإنسان، حيث يمكن لصوتها المزعج أن يؤدي إلى زيادة في حالات الهلع واضطراب ما بعد الصدمة، إضافة إلى القلق وقلة النوم والعصبية.

تصور لتأثير صوت الزنانة في السكان

ومن خلال ملاحظاته بوصفه طبيبًا نفسيًّا، يقدم عوض الله تصورًا لما يمكن أن يصاب به الأفراد عندما يستمعون إلى صوت الزنانة، فيقول إنهم تظهر عليهم أعراض مثل الهلع والخوف والتوتر والعصبية، ويدعو الآباء إلى التقرب من الأطفال وتقديم الدعم لهم في حال ظهور أعراض الخوف والقلق.

ويختتم الدكتور عوض الله حديثه بتأكيد ما يشهده المواطنون من تغيرات نفسية وأعراض ناتجة عن الأصوات المزعجة التي تسببها طائرات الاحتلال؛ مما يؤكد أهمية الوعي بتأثير الزنانة على الصحة النفسية والحاجة إلى معالجتها بجدية وتقديم الدعم النفسي اللازم.

المصدر : الجزيرة مباشر