تدريس بين الخيام.. معلمة غزّية تفتتح فصلا دراسيا في خيمة النزوح لتعليم الأطفال

لم يمنع الدمار الكبير الذي خلفته الحرب الإسرائيلية على غزة، والاستهداف المباشر الذي طال مدارسها، معلمة اللغة الإنجليزية دعاء قديح من التطوع والقيام بمبادرة لتعليم الأطفال النازحين في منطقة دير البلح وسط القطاع، متحدية بذلك كل الظروف الصعبة التي يعيشونها.

وفي حديثها للجزيرة مباشر، أفادت دعاء بأنها تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بالجامعة الإسلامية في غزة، وأنهت دبلوم التربية في الجامعة ذاتها، ثم التحقت بجامعة الأزهر لدراسة ماجستير الترجمة، قبل أن تدق الحرب طبولها.

صف السلام والحرية

وحرصا منها على مستقبل الأطفال التعليمي في مخيمات النزوح، قررت المعلمة دعاء قديح أن تفتتح فصلا دراسيا سمّته “السلام والحرية”.

وقالت “قبل شهرين من مشروع تكوين صف السلام والحرية، كنت فاقدة للأمل، وأشعر بالإحباط لأنني فجأة تركت كل شيء وراء ظهري، أحلامي، بيتي، وكل شيء جميل كان بحياتي، فبينما كانت حياتي تذهب إلى طريق يملؤه الأمل والإنجازات، جاءت الحرب وأوقفت كل شيء”.

وأضافت “لكن عندما بدأت أرتب أفكاري كمعلمة، أدركت خطورة أن تمضي أكثر من 6 أشهر على الطلاب دون تدريس، وفكرت في أهمية استمرار العملية التعليمية كون طلابنا اليوم هم جيل المستقبل غدا، وأن إعادة بناء غزة لن تتم إلا بالعلم والتعلم”.

وتابعت “تحمست وقررت ألا أستسلم لأجل هؤلاء الأطفال، لأجل أن نستمر، ونعيد السلام والحرية إلى وطننا من جديد من خلال إنشاء فصل دراسي للطلاب النازحين”.

وذكرت المعلمة الغزية أنها اختارت اسم “السلام والحرية” للفصل الدراسي الذي أنشأته، لأن الأطفال منذ 7 أكتوبر الماضي “سُلب منهم السلام وسُلبت منهم الحرية”.

وأشارت إلى أن الأطفال كانوا متحمسين جدا للفكرة، وقالت “لم أتخيل أن الأطفال سيكونون متحمسين للتعليم أكثر مني، وهذا ما شجعني بشكل أكبر لإكمال ما بدأته”.

وأردفت “أول سؤال أطرحه على الأطفال عند دخولي إليهم: ماذا تتمنون أن تصبحوا مستقبلا؟ فوجئت بأنهم رغم كل ما نمر به لديهم إجابات مليئة بالأمل والإصرار، فهذه تريد أن تصبح معلمة والأخرى مهندسة وتلك طبيبة”.

البهجة والفرح يزوران أطفال المخيم

الصف الدراسي الذي افتتحته المعلمة دعاء، أدخل على قلوب الأطفال في المخيم شيئا من البهجة والفرح الذي افتقدوه خلال هذه الأوضاع المأساوية. وقالت الطفلة زينة “المعلمة دعاء أعادت لأذهاننا ما كنا ندرسه بمدرستنا التي قصفها الاحتلال في بداية الحرب”.

وعبّرت الطفلتان نور النازحة من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ونسمة النازحة من شمال غزة، عن شعور الفرح ذاته قائلتين “المعلمة دعاء رجعتنا لأيام المدرسة، وكتير فرحنا بالأجواء”.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حُرم آلاف الأطفال الفلسطينيين من حق التعليم، واستشهد آلاف من الطلاب ومعلميهم، ودُمرت عشرات المدارس، وتحول بعضها إلى مراكز إيواء تضم النازحين.

ووفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فقد طال الاستهداف الإسرائيلي 90% من الأبنية المدرسية الحكومية التي تعرضت لأضرار مباشرة وغير مباشرة، في حين تُستخدم 133 مدرسة حكومية مراكز إيواء.

المصدر : الجزيرة مباشر