هل النسيان يعني دائما الإصابة بمرض ألزهايمر؟

يمكن أن تكون التغييرات في المزاج والشخصية علامة مبكرة على الإصابة بألزهايمر (دويتش فيله)

يتوقع المتخصصون أن يتضاعف عدد مرضى ألزهايمر خلال السنوات العشر المقبلة مع تقدم السكان في العمر، وبينما يشعر عدد كبير من الناس بالخوف من الإصابة به يسعى عدد كبير منهم إلى معرفة  أعراضه.

يشعر الكثيرون بالفزع عند نسيان شراء شيء أو اسم فيلم بعد مشاهدته أكثر من مرة لكن هل هي حقا مؤشرات تمكن من تشخيص مرض ألزهايمر؟

قالت إميلي ديلاج وهي طالبة دكتوراه في علم النفس العصبي بجامعة مونتريال في مقالة طبية على موقع “ذا كونفرسيشن” بنسخته الكندية، إنها على وشك إنهاء الثانية من الدكتوراه في تخصصها وأن الإجابة عن هذا السؤال ليست بهذه البساطة.

يعلم الجميع أن مرض ألزهايمر يؤثر على الذاكرة لكنهم يتخيلون هذه الأخيرة على أنها سلة واحدة تتراكم فيها كل ذكرياتنا لذلك -تقول ديلاج- من المهم أولاً أن نفهم أن هناك أنواعًا مختلفة من الذاكرة وإلى أي مدى تتأثر كل منها بمرض ألزهايمر.

هناك عدة أنواع من الذكريات (أرشيفية)

الذاكرة العرضية

هناك عدة أنواع من الذكريات الفئة الأولى تشمل الذكريات الشخصية للأحداث التي عشناها منذ بداية حياتنا وهي تشبه إلى حد ما ألبوم الصور.

تجمع الذاكرة العرضية ذكريات الطفولة والخطوات الأولى لكنها تجمع أيضا الأحداث القريبة مثل ما تناولناه على العشاء ليلة أمس.

الذاكرة الدلالية

على عكس الذاكرة العرضية -توضح دكتورة علم النفس العصبي في فترة الشيخوخة- تجمع الذاكرة الدلالية الذكريات التي لا تحتاج إلى إعادة تنشيط من خلال وضعها في سياقها وهي كل ما يتعلق عامة بالعالم الخارجي والتي لا ترتبط بمكان أو وقت معين.

وهي غالبًا تخزن معلومات لا تحتاج إلى التفكير للعثور على إجابة لها حتى وإن لم نتذكر الوقت أو السياق الذي تعلمناها فيه.

مناطق مميزة من الدماغ

من الواضح أن هذين النوعين من الذاكرة مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بحياتنا اليومية إذ نستخدم ذكرياتنا العرضية والدلالية باستمرار للعمل وفي الوقت نفسه نقوم باستمرار بترميز الذكريات العرضية والدلالية الجديدة.

على الرغم من حقيقة أنهما مترابطان إلا أن هذين النوعين من الذاكرة مدعومان بمناطق متميزة جزئيًا في الدماغ ويشمل تصنيع ذكريات الأحداث الحية (المتعلقة بالذاكرة العرضية) منطقة الحُصين وهياكل الفص الصدغي الداخلي الموجود في منتصف الدماغ وكذلك الفص الجبهي الذي يعمل على وضع كل ذلك في سياقه.

من جهة أخرى تتضمن ذكريات المعرفة العامة (المتعلقة بالذاكرة الدلالية) وظائف المناطق المجاورة للحصين، أي الهياكل الموجودة حول الحصين والجزء الأمامي من الفص الصدغي (الأقطاب الصدغية).

تبدأ صعوبات الذاكرة الدلالية قبل نسيان الأحداث الحية (أرشيف)

ماذا عن مرض ألزهايمر؟

وبين نسيان اسم الفيلم الذي شاهدته في اليوم السابق والخلط بين أسماء الفنانين ما الأكثر إثارة للقلق؟

عادةً ما يرتبط مرض ألزهايمر بانخفاض الذاكرة العرضية ويشتكي المرضى من أنهم لا يتذكرون الأحداث التي مروا بها والمحادثات التي أجروها غالبًا ما يتم اختبار هذا النوع من الذاكرة في علم النفس العصبي عند تقييم الخرف، وهو أيضا النوع من الذاكرة الذي تمت دراسته في الغالبية العظمى من الأبحاث حول مرض ألزهايمر.

ومع ذلك ظهر نموذج جديد في البحث السريري أظهرت الدراسات الحديثة حوله أن الذاكرة الدلالية هي التي تتأثر أولًا عند بداية مرض الزهايمر، إذ قبل نسيان ذكرياتهم عن الأحداث يُظهر المرضى انخفاضًا تدريجيًا في معرفتهم العامة.

على سبيل المثال لديهم صعوبة أكبر من كبار السن الأصحاء في تسمية المشاهير كما يجدون صعوبة في الإجابة عن أسئلة حول الأشياء أو الحيوانات.

من الطبيعي أن يشعر المتقدم في السن بالقلق على ذاكرته مع الخوف من مرض ألزهايمر (الجزيرة)

قبل 12 سنة

وفقًا لدراسة أجريت على المئات من كبار السن وتحديدًا على وظائفهم المعرفية، فإن الذين بدأت لديهم أعراض ألزهايمر يحدث لديهم عجز في الذاكرة الدلالية لمدة تصل إلى 12 عامًا قبل تشخيص إصابتهم بالخرف.

وتبدأ صعوبات الذاكرة الدلالية قبل نسيان الأحداث الحية والتشويش المكاني والزماني وفقدان التفاصيل الخاصة ثم الصعوبة في الكلام.

يفيد المتخصصون أنه نادرًا ما يتم الإبلاغ عن هذه المشاكل من قبل المرضى لأنهم عادة ما يستخدمون طرقًا تمكنهم من التذكر وهذا ما يفسر سبب عدم دراسة الذاكرة الدلالية فيما يتعلق بمرض ألزهايمر.

رعاية مرضى الزهايمر تكلف مليارات الدولارات (غيتي)

ومن الطبيعي أن يشعر المتقدم في السن بالقلق على ذاكرته مع الخوف من مرض ألزهايمر، ومن الطبيعي أيضًا أن يواجه كبار السن مشاكل في الذاكرة لكن لا ينصح المتخصصون بالشعور بالقلق من أقل مشكلة فذلك قد يدفع إلى الاكتئاب.

التعرف على العلامات الأولى لمرض ألزهايمر يسمح لنا بالتركيز على أنفسنا وأقاربنا، عندما نرى أنه لم يعد بإمكاننا سرد القصص بدقة أو نواجه صعوبة في تسمية أو استخدام أشياء يومية فمن الأفضل زيارة الطبيب أو أخصائي علم النفس العصبي.

وهناك إجراءات يمكن اتخاذها لدعم الصحة المعرفية؛ أولها التحفيز الفكري: قراءة الكتب وحل الكلمات المتقاطعة أو الألغاز ولعب ألعاب الطاولة والقيام بالأنشطة الاجتماعية هي أنشطة تحسن مقاومتنا لتطوير ضعف الإدراك.

وينصح الأطباء أيضًا بممارسة الرياضة بانتظام والمداومة على نظام غذائي صحي والحفاظ على عادات نوم جيدة مفيدة للصحة الجسدية والمعرفية.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع أجنبية