موائد الرحمن في مصر.. هل تأثرت سلاسل الخير بالأزمة الاقتصادية؟ (فيديو)

تزايدت أعداد المترددين على موائد الرحمن في مصر بشكل كبير هذا العام، مع عدم استطاعة الكثير من الأسر تجهيز مائدة إفطار بالحد الأدنى بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ويضطر عبد التواب رشاد، عامل البناء الذي يعيش في شقة مشتركة بمنطقة الحي السادس في مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، إلى السير كيلومترات للوصول إلى “مائدة الرحمن” التي تنظمها جمعية خيرية في الحي الـ11 بالمنطقة نفسها بعد أن اختفت تلك التي تُخصَّص لإطعام المارة والفقراء في مربعه السكني.

يتحدث عبد التواب بأسى وحزن للجزيرة مباشر عن معاناته ذهابا وعودة إلى مقر إقامته، مشيرا إلى أنه يصطحب معه زوجته وولديه ويحاول الحصول على بقايا طعام لوالدته التي تعيش معه في المكان ذاته، الذي هو عبارة عن إحدى شقق الإسكان الاجتماعي المتهالكة التي يتقاسمون إيجارها الشهري مع إحدى الأسر.

يشير عامل البناء الذي يعاني في البحث عن عمل إلى تراجع موائد الرحمن، ويقول “الظروف ضغطت على الجميع حتى الأغنياء الذين كانوا يتكفلون بالإنفاق في مثل تلك المناسبات”.

أزمة ارتفاع الأسعار

ويتدخل في الحديث سيد العدوي، أحد المشرفين على “مائدة الرحمن” في الحي الـ11، ويقول إن ارتفاع أسعار الأرز واللحوم والدجاج شكّل أزمة كبيرة وأسهم في تخفيض الكميات والأنواع بشكل كبير.

كما يشير إلى أن أعداد المترددين على المائدة تزايدت بشكل كبير هذا العام، موضحا أن الكثير من الأسر لم تعد تستطيع تجهيز مائدة إفطار بالحد الأدنى بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وذكر أن الجمعية تقدّم نحو 3 آلاف وجبة يوميا، مشيرا إلى تراجع التبرعات والحاجة الماسّة إلى الدعم خاصة مع وجود وافدين جدد من لاجئين وفارين من الحرب في السودان.

من جهته، ذكر أحد المشرفين أن تنظيم تلك الموائد يخضع لإشراف وزارة التضامن الاجتماعي، وهو ما يتسبب برأيه في العديد من العراقيل.

وألقى باللائمة على الفئات القادرة التي يقول إنها تقاعست عن تقديم التبرعات اللازمة، موضحا أن ذلك انعكس على الأمر كمّا وكيفا.

واستدرك مشيرا إلى أهمية الإشراف الحكومي في تأكيد شروط إقامة الموائد في ساحات واسعة طبقا لاشتراطات السلامة المرورية والأمن فضلا عن متطلبات سلامة الغذاء.

يخضع تنظيم موائد الرحمن لإشراف وزارة التضامن الاجتماعي

15 مليون مستفيد

ويربط المصريون بين “مائدة الرحمن” ومظاهر البهجة وكذلك أعمال البر والتراحم التي تصاحب شهر رمضان الكريم.

وحسب تقديرات وزارة التضامن الاجتماعي، فإن عدد المستفيدين من موائد الرحمن في رمضان كان لا يتجاوز العام الماضي نحو 10 ملايين شخص يوميا، وسط توقعات بأن يتجاوز العدد في رمضان الحالي 15 مليونا نظرا للظروف الاقتصادية التي يمر بها أصحاب الدخول البسيطة مع ارتفاع الأسعار.

وكانت تكلفة موائد الرحمن تُقدَّر العام الماضي بنحو 6 مليارات جنيه، والآن تُقدَّر التكلفة بنحو 12 مليارا بعد ارتفاع الأسعار.

وطبقا لوزارة التضامن، فإن أكبر وأشهر الموائد الرمضانية هى مائدة الجامع الأزهر الشريف التي تقدّم أكثر من 5 آلاف وجبة إفطار ساخنة يوميا.

وتعليقا على تراجع دور رجال الأعمال، يقول حسن المصري -صاحب معرض سيارات- إن تراجع المبيعات بفعل الأزمة الاقتصادية أجبره على إلغاء مائدة اعتاد على إقامتها، مشيرا إلى تزايد الاشتراطات التي يضعها موظفو الأحياء لتنظيم الموائد وتصل إلى حد العراقيل، على حد تعبيره.

ويرى المصري أن مائدة الرحمن تحفظ كرامة العديد من محدودي الدخل الباحثين عن وجبة إفطار مناسبة، قائلا “نار الأسعار أثرت سلبا على الكثيرين بعد أن بات تجهيز وجبة متوسطة لأسرة من 5 أفراد يتجاوز 300 جنيه”.

المصدر : الجزيرة مباشر