علماء يحددون 5 أمور تشعرنا بالسعادة

ماذا يعني أن تكون سعيدًا؟

كيف نعثر على السعادة؟ (الجزيرة مباشر)

كتب الشاعر الألماني هاينريش فون كلايست لشقيقته في عام 1799 “لا يمكن إثبات السعادة مثل أي نظرية حسابية. يجب الشعور بها إذا كانت موجودة”.

مع ذلك، على مدار العقود الماضية، حاول الباحثون القيام بذلك، من خلال دراسة ماذا يعني أن تكون سعيدًا؟ وما الذي يمكن أن يساعدنا لتحقيق تلك الحالة؟

ووفقًا لدوروثيه زالشوف، الخبيرة والمدربة في مجال الطب النفسي الإيجابي، فإن السعادة المنبثقة من الحظ، مثل الفوز باليانصيب، لا تجعلنا سعداء على المدى الطويل، وبدلًا من ذلك، فإنها تشبه السعادة بحالة “من الصحة والسعادة، الشعور الداخلي بالسعادة الإنسانية”.

وتعرف الخبيرة، ما الذي يؤدي إلى السعادة المستدامة؟ وهي تمتلك الأدوات العلمية التي تثبت ذلك، وتقول “وفقًا لكل ما نعرفه من الأبحاث، للمشاعر الإيجابية تأثير مهم في حالتنا الجيدة”.

وأضافت “ربما يبدو في البداية من غير البديهي أن تبحث عن المشاعر الإيجابية عندما لا تشعر أنك على ما يرام. أساسًا، من المهم السماح بوجود جميع مشاعرنا أو أحاسيسنا”.

وتشير إلى أنه إذا أردت تعزيز حالتك الجيدة صحيًا ونفسيًا، من المهم مراجعة ما حدث خلال يومك والتفكير بإمعان في الأمور التي أثارت انتباهك، والتي جعلتك تشعر أنك مستمتع أو سعيد أو فخور أو أنك محبوب.

المشاعر العشرة الكبرى

وكخطة عمل، توصي بـ”المشاعر العشرة الكبرى” التي درستها المحاضرة في مجال علم النفس الإيجابي باربرا فريدريكسون وهي: الحب، والفرح، والامتنان، والاطمئنان، والاهتمام، والأمل، والفخر، والمرح، والإلهام، والرهبة.

وقالت الخبيرة “نعلم أن الشعور بالمشاعر الإيجابية يدفعنا لأن نكون قادرين على إدراك ومعالجة المزيد من التحفيزات على المدى القصير”، وأوضحت أن الشعور بالمشاعر الإيجابية يزيد من تشكيل الاتصالات العصبية، مما يدعم مرونتنا وإبداعنا العقلي، بالإضافة إلى قدرتنا على حل مشاكلنا.

المرء قادر على التحكم في جزء من سعادته بحسب علماء (غيتي)

التركيز على نقاط القوة

وأضافت “نتيجة لذلك، نقوم ببناء موارد جديدة يمكننا الوصول إليها على المدى القصير، ويؤدي هذا على المدى الطويل إلى أن نكون قادرين على التعامل بصورة أفضل مع حياتنا اليومية والشعور بالمزيد من المشاعر الإيجابية”.

وتشير الخبيرة إلى وسيلة أخرى لتعزيز السعادة، وهي تركيز المرء على نقاط قوته.

وأوصت أنه بدلًا من التركيز على مهارات معينة، مثل إجادة علم الرياضيات، يتعين على المرء المحاولة والتركيز على كيفية تعامله مع الأمور. على سبيل المثال، يمكن أن يجد نفسه أنه شخص يمكنه تحمل الأعباء بصورة جيدة أو لديه إحساس عالٍ بالجمال.

وأوضحت أن معرفة نقاط قوتنا واستخدامها يساعد في تحسين حالتنا الجيدة صحيًا ونفسيًا على المدى الطويل.

سمات الشخصية الإيجابية

ووفقًا للخبيرة، تتضمن السمات الشخصية الإيجابية الأخرى التي خضعت للدراسة المعمقة الفضول، والحكم، والعدالة، والحكمة، والذكاء الاجتماعي، أو حتى التواضع.

وأشارت إلى أنه إذا أراد المرء أن يصبح أكثر سعادة، فإنه دائمًا من المفيد أن يقوم بعمل شيء ما ذي أهمية.

وقالت “أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين لديهم حس عال بتحقيق الأهداف يكونون أكثر سعادة”، وإنه سواء كان المرء في المنزل أو العمل أو عندما يقوم بعمل تطوعي، يتعين عليه محاولة العثور على أمر يتيح له المساهمة في الصورة الأكبر.

الاتصال الاجتماعي هو العامل الأكبر الذي يؤثر في السعادة بحسب علماء (غيتي)

قد تكون قائمة أداء المهام هي المثبط القوى للهمم

وبالنسبة للكثير من الأشخاص، قد تكون قائمة أداء المهام هي المثبط القوى للهمم، ولكن “تحديد الأهداف يجعلنا أيضًا سعداء”، بحسب الخبيرة.

وقالت إنه عندما يضع المرء أهدافًا لنفسه، لا يجب أن تكون دائمًا أمورًا استثنائية مثل المشاركة في سباق أو الحصول على درجة علمية، وأضافت “هناك أوقات في حياتنا يكون الخروج فيها مرة في اليوم بمثابة إنجاز”.

وقالت “من المهم من أجل شعورنا بالسعادة أن ندرك هذا كهدف وكإنجاز، وأن يتوقف المرء مثلًا، ويقول: انظروا، لقد فعلتها”، وتبيّن الخبيرة “العامل الأول الأساس لتحقيق مزيد من السعادة في الحياة هى العلاقات الاجتماعية الجيدة والداعمة”.

من أطول الدراسات في العالم

ومنذ 1938، تجرى جامعة هارفارد دراسة على تطور البالغين، تعد ضمن الأطول في العالم، حيث تدرس التغيرات السيكولوجية والعمليات البيولوجية في مجموعتين من الرجال يبلغون من العمر أكثر من 80 عامًا، من أجل فهم تأثيرها في الصحة والحالة العامة في المراحل المتقدمة من الحياة.

وأشارت الخبيرة إلى أن هذه الدراسة تظهر أن السعادة لا تعتمد على أن يحظى المرء بالكثير من العلاقات، وقالت “يكفي أن يحظى المرء بشخص أو اثنين في حياته يعتبرهما داعمين له”، كما خلصت الدراسة إلى أن القيام بأمر من أجل الآخرين أو دعم سعادة شخص آخر تجعلنا أكثر سعادة من محاولة إسعاد أنفسنا.

وكان روبرت والدينجر، رئيس دراسة هارفارد قد ألّف كتابًا بشأن الدراسة بعنوان: “الحياة الجيدة وكيف نعيشها: دروس من أطول دراسة علمية في العالم عن السعادة”.

وقسّم في الكتاب السعادة إلى فئتين: الأولى هي الإحساس بالاستمتاع بالحالة الجيدة، مما يعني “أنا أقضي وقتًا جيدًا الآن”، والأخرى هي الإحساس بالمتعة المرتبطة بالقيم “الشعور بأن حياة الفرد ذات معنى وجيدة بصورة أساسية”.

وغالبًا ما يكون هناك فرق بين ما يجلب لنا السعادة الفورية وما نشعر بأن له قيمة وذا أهمية، وأشار والدينجر أن كل شخص يحتاج للشعور بالمتعتين، وأوضح أننا نبدأ في مواجهة المشاكل عندما نسعى فقط لتحقيق الحياة الممتعة بدلًا من “الحياة الأكثر دنيوية ولكن الأكثر أهمية”.

المصدر : الألمانية