بعد أمريكا.. دولتان أوروبيتان تتصدران دعم إسرائيل بالأسلحة رغم “الإبادة الجماعية” في غزة

الدولتان لا تقدّمان بيانات تصدير الأسلحة بشفافية

آثار قصف الاحتلال لغزة بعد 127 من العدوان
آثار قصف الاحتلال على غزة (الأناضول)

تتصدر ألمانيا وبريطانيا قائمة الدول الأوروبية المستمرة في دعم الاحتلال بالأسلحة، رغم أن إسرائيل تُحاكَم بتهمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة أمام محكمة العدل الدولية.

ومع أن الولايات المتحدة هي أكبر مورّد تقليدي للأسلحة إلى إسرائيل، فإن ألمانيا وبريطانيا تقدّمان أيضًا دعمًا كبيرًا لإسرائيل لسنوات عديدة.

وفي 12 فبراير/شباط الجاري، دعا الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، الدول التي شهدت ردود فعل مع سقوط الضحايا المدنيين في الهجمات على غزة إلى وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.

وتتعلق رسالة بوريل بألمانيا بشكل مباشر، إذ إن بريطانيا ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي، وتوقفت إيطاليا وإسبانيا عن توريد الأسلحة إلى إسرائيل.

لا شفافية

ووفقًا للبيانات الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، قدّمت الولايات المتحدة 70.2% من إمدادات الأسلحة التقليدية لإسرائيل خلال الأعوام من 2011 إلى 2020، تليها ألمانيا بنسبة 23.9%، وإيطاليا بنسبة 5.9%.

ووفق منظمة الحملة ضد تجارة الأسلحة البريطانية غير الحكومية، فإن ألمانيا والمملكة المتحدة لا تقدّمان بيانات تصدير الأسلحة بشفافية، ومع ذلك وفقًا لقاعدة البيانات التي أنشأتها المنظمة من المعلومات التي تم الحصول عليها من مصادر مفتوحة، ففي الأعوام 2015-2020، وافقت الحكومة الألمانية على بيع أسلحة بقيمة 1.4 مليار يورو على الأقل إلى إسرائيل.

في حين أرسلت المملكة المتحدة طائرات حربية وصواريخ ودبابات وطائرات خفيفة وأسلحة إلى إسرائيل في الفترة ذاتها، وتحققت صادرات عسكرية بقيمة 426 مليون يورو، تشمل مكونات الأسلحة والذخائر، ولا تشمل هذه الأرقام تصدير الأسلحة الألمانية والبريطانية إلى إسرائيل عبر دولة ثالثة.

زادت 10 أضعاف

وحسب تقرير سياسة تصدير الأسلحة للحكومة الفدرالية لعام 2023 الصادر عن وزارة الاقتصاد وحماية المناخ الألمانية بشأن الموافقة على مبيعات الأسلحة إلى دول أجنبية، فقد زادت مبيعات البلاد من الأسلحة والمعدات العسكرية لإسرائيل العام الماضي 10 أضعاف مقارنة بعام 2022، ووصلت إلى 326.5 مليون يورو.

وفي الأسابيع الأولى بعد بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وافقت الحكومة الألمانية على 185 طلبًا إضافيًّا لترخيص تصدير إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل.

وبينما وافقت ألمانيا حتى الآن على إرسال مركبات مدرعة ومعدات حماية للجنود إلى إسرائيل، ذكرت مجلة شبيغل في 17 يناير/كانون الأول الماضي أن الحكومة تقوم بمراجعة شحنة ذخيرة الدبابات الحساسة التي طلبتها إسرائيل وتخطط للموافقة عليها.

كما ذكرت أن الحكومة الإسرائيلية طلبت أكثر من 10 آلاف ذخيرة دبابة عيار 120 ملم من ألمانيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأن هذا الطلب نوقش بسرية تامة في رئاسة الوزراء ووزارات الدفاع والخارجية والاقتصاد.

ذخيرة دبايات ألمانية عيار 120مم
ذخيرة دبايات ألمانية عيار 120ملم (رويترز)

المورّد التقليدي لإسرائيل

أفادت بيانات منظمة الحملة ضد تجارة الأسلحة أن بريطانيا تبيع معدات عسكرية لإسرائيل، التي تحتل الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ عام 1967، وتسهم إنجلترا بنحو 15% من مكونات طائرات إف-35 التي تستخدمها إسرائيل في قصفها لغزة.

وهناك 6 شركات بريطانية مختلفة في مشروع مقاتلات إف- 35، منها شركتان تبيعان الصواريخ لإسرائيل، كما أن بعض الشركات مثل شركة صناعة الدفاع الإسرائيلية “إلبيت”، لديها أيضًا ترخيص لتجارة المعدات العسكرية في المملكة المتحدة.

مؤسسة حقوق الإنسان الفلسطينية (الحق) وشبكة الإجراءات القانونية العالمية (GLAN) ومقرها لندن، رفعتا دعوى قضائية ضد بريطانيا في المحكمة العليا البريطانية في 13 ديسمبر/كانون الأول، على اعتبار أنها تجاهلت طلبات تعليق مبيعات الأسلحة لإسرائيل التي تنتهك القوانين الدولية.

وتجمّع متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين أمام مكتب شركة BAE System في لندن، وهي إحدى كبرى الشركات المصنعة للأسلحة في العالم، لمطالبتها بالتوقف عن بيع الأسلحة لإسرائيل.

طائرة إف 35
طائرة إف-35 (رويترز)

أسلحة إيطالية تُختبر في غزة

أثار وصول عدد ضحايا المذبحة الإسرائيلية في غزة إلى عشرات الآلاف بعض ردود الفعل لدى الرأي العام الإيطالي. وفي 16 نوفمبر، دعا زعيم حزب المعارضة الإيطالي “حركة 5 نجوم”، ورئيس الوزراء السابق جوزيبي كونتي، الحكومة الإيطالية إلى تعليق إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل على الفور.

كما دعا إيلي شلاين، زعيم الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي، الحكومة إلى وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل في 20 يناير، قائلًا إنه لا يمكن المخاطرة ببيع الذخيرة التي تبيعها إيطاليا بطريقة يمكن أن يؤدي استخدامها إلى اعتبارها جريمة حرب.

ومع تزايد ردود الفعل، صرح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاجاني، في 20 يناير، بأنهم قرروا وقف إرسال الأسلحة إلى إسرائيل بدءًا من 7 أكتوبر، وأنهم لم يرسلوا أي نوع من الأسلحة.

ومع ذلك، فإن الأسلحة الإيطالية الصنع التي تم تقديمها سابقًا لإسرائيل يجري اختبارها حاليًّا من قِبل إسرائيل في غزة، حيث تم استخدام المدفع البحري عيار 76 ملم الذي تنتجه شركة أوتو ميلارا التابعة لشركة الدفاع الإيطالية “ليوناردو” لأول مرة من قِبل إسرائيل في غزة.

المدفع البحري عيار 76 ملم
المدفع البحري عيار 76 ملم (مواقع إلكترونية)

إسبانيا أوقفت المبيعات

منظمة سنترو ديلاس، ومقرها إسبانيا، التي تركز على جهود السلام الدولية، عملت على فحص بيانات التجارة الخارجية لإسبانيا، وكشفت أن شركة إسبانية باعت ذخيرة عسكرية إلى إسرائيل في نوفمبر 2023 مقابل 987 ألف يورو.

وفي أعقاب ردود فعل الرأي العام الإسباني الشديدة إزاء المجازر الإسرائيلية في غزة، صرحت المتحدثة باسم الحكومة بيلار أليغريا بأنه لم يتم بيع أي معدات عسكرية لإسرائيل منذ 7 أكتوبر، وأن هذه البيانات لما قبلها.

فرنسا تدعم إسرائيل استخباراتيًّا

وفقًا لبيانات وزارة الدفاع الفرنسية، باعت فرنسا في الأعوام 2013-2022 ما يقرب من 200 مليون يورو من الأسلحة إلى إسرائيل.

وزير الدفاع سيباستيان ليكورنو، ردًّا على سؤال: هل تقدّم فرنسا الدعم العسكري لإسرائيل؟ أجاب في 16 أكتوبر بأن بلاده تقدّم في الغالب دعما استخباراتيًّا لإسرائيل.

وقال ناشطون، نظموا مظاهرة أمام مقر شركة الصناعات الدفاعية الفرنسية داسو للطيران، إن جميع الشركات الفرنسية التي تبيع الأسلحة لحكومة إسرائيل متواطئة في الإبادة الجماعية المرتكبة في غزة.

وأعلن نواب من حزب فرنسا الأبية المعارض، في 14 فبراير/شباط الجاري، أن فرنسا لا ينبغي أن تكون متواطئة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، ووقعوا على عريضة لوقف بيع الأسلحة لها.

طائرات مقاتلة فرنسية
طائرات مقاتلة فرنسية (مواقع إلكترونية)

المتحدث باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان أجاب عن سؤال: هل تخطط فرنسا لتعليق شحنات الأسلحة إلى إسرائيل بعد قرار محكمة العدل الدولية؟ بقوله “لقد أُحطنا علمًا بطلب جنوب إفريقيا الجديد اتخاذ تدابير مؤقتة فيما يتعلق بمحكمة العدل الدولية”.

وأضاف “هذا الطلب في طور الإعداد لتوجيه الاتهام الذي قبلته المحكمة في 26 يناير، والتدابير (الاحترازية) التي طلبتها المحكمة ملزمة قانونًا، وتتماشى مع الرغبات التي حددتها فرنسا في الوقت نفسه”.

وأكد “نحن ملتزمون باحترام القانون الدولي، ونكرر دعمنا وثقتنا بمحكمة العدل الدولية”. ومع تكرار السؤال، قال لوموان “يمكنني أن أجيبك على هذا الأمر لاحقًا”.

المصدر : الأناضول