مصر.. لماذا تراجع النمو السكاني إلى أقل معدل خلال 50 عاما؟

قد يصل عدد سكان مصر إلى 144 مليون نسمة عام 2050
قد يصل عدد سكان مصر إلى 144 مليون نسمة عام 2050 (بلومبرغ)

أعلنت وزارة التخطيط المصرية، أن معدل النمو السكاني هو الأقل خلال 50 عامًا، إذ انخفض من 2.6% عام 2017 إلى 1.4% في 2023، وهو إحصاء له دلالات متعددة في بلد هو الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم العربي.

وبينما اعتبرت الحكومة أن ذلك التراجع يعكس نجاحها، ربط مراقبون الأمر بتنامي الضغوط المعيشية وتردي الخدمات الصحية.

وتشكل الزيادة السكانية في مصر، التي يبلغ عدد سكانها 106 ملايين نسمة، هاجسا قويا مع النقص اللافت في الموارد والمياه، وفرص العمل، واكتظاظ المدارس والمستشفيات.

الإقبال على موانع الحمل

وبدت طبيبة رعاية الأسرة في هيئة التأمين الصحي بمحافظة الجيزة نرمين طلعت أقل اندهاشا من تراجع النمو السكاني، وقالت للجزيرة مباشر، إن تناقص المواليد متوقع بشكل كبير.

وأشارت إلى أنها تلاحظ تزايد أعداد المترددات على المركز الذي تعمل به للحصول على الخدمات شبه المجانية لمنع الإنجاب. وتشير الطبيبة إلى أن معظم المترددات هن من الطبقات الأكثر فقرا.

حوافز حكومية

كما يرجع مسؤول رعاية الأسرة في نفس المركز الصحي بالجيزة أحمد خلف تزايد الإقبال على تنظيم النسل إلى زيادة الوعي قائلا إن تكليفات حكومية صارمة تصل إليهم تباعا.

ويرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أطلق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية في فبراير/شباط 2022 أن أكبر خطرين على مصر هما “الإرهاب والزيادة السكانية”، ونوّه إلى سياسة الإنجاب في الصين التي حددت النسل بطفل واحد بين عامي 1968 و2015، وأثنى على نجاحها.

وقال جهاز الإحصاء إنه من المتوقع أن يصل عدد السكان عام 2032 إلى 123.7 مليون، محذرا من أن نصيب الفرد على سبيل المثال من مياه النيل سينخفض إلى 448.7 مترا مكعبا عام 2032، و380.1 مترا مكعبا عام 2042 بعد أن كان 600 متر مكعب.

أما البرلمان فقد قرر الدخول من باب الحوافز وكشف عن اتجاه لتعظيم مكتسبات الأسرة القليلة العدد بمنحها وحدة سكنية بالتقسيط على 30 عاما. وينص مشروع برلماني على أن يكون للابن الواحد للأسرة الأولوية في الحصول على وظيفة حكومية ووثيقة تأمين مجانية ومعاش شهري.

وفي تصريح للصحف المحلية رأت وزيرة التخطيط هالة السعيد أن الزيادة السكانية تسببت في تراجع نصيب الفرد من التنمية.

الصين

وتعليقا على ذلك يرى الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن النمو السكاني نقطة قوة لا ضعف لأي دولة خاصة تلك التي تستخدم الثروة البشرية في زيادة معدلات النمو وتعظيم الإيرادات، موضحا أن الصين الأكثر سكانا هي ثاني أكبر قوة اقتصادية.

وقال عبد السلام للجزيرة مباشر، إن الربط بين سوء الوضع المعيشي وزيادة السكان غير منطقي “لأن هذا الوضع يرجع لسوء الإدارة والفساد وإهدار المال العام وليس بسبب زيادة السكان”. كما خلص إلى أن النمو السكاني في مصر نجح في تصدير ملايين العمال إلى الخارج فأصبحوا يجلبون للاقتصاد نحو 30 مليار دولار سنويا.

من جهة ثانية، يرى أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة نادر نور الدين أن هناك أسبابا أخرى دفعت الناس إلى الحد من الإنجاب أهمها تكاليف المعيشة.

ويقول نور الدين على صفحته الشخصية على فيسبوك “أنا أعرف شبابا حديثي الزواج يرفضون الإنجاب ولما سألت شاب منهم أيه السبب؟! قال لي لن أستطيع تعليمه ولا علاجه ولا الإنفاق عليه!”.

وبحسب بيانات جهاز الإحصاء فإن التضخم السنوي للأسعار تجاوز 35.7% في فبراير/شباط الماضي بعد أن كان 29.8% في يناير/كانون الثاني.

المصدر : الجزيرة مباشر