نزوح ومجاعة.. جيل أطفال كامل “مدمر” في السودان مع مرور عام على الحرب (فيديو)

أطباء بلا حدود: يموت طفل كل ساعتين في مخيم زمزم للاجئين بشمال دارفور

أصبحت آمنة إسحاق -النازحة من دارفور- تطعم أطفالها “مرة واحدة في اليوم وأحيانا لا تطعمهم بالمرة”، مع مرور سنة على اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”.

وتحذر الأمم المتحدة من أن “جيلًا كاملًا قد يكون دُمّر”، إذ أصبح ملايين الأطفال نازحين أو جائعين أو مجبرين على القتال أو الزواج، في وقت تحذر فيه منظمات دولية من أوضاع كارثية.

أم وأطفالها نازحون بأحد المساجد في بلدة وادي حلفا الحدودية (الفرنسية)

جوع ومياه ملوثة

وفي مخيم أوتاش للنازحين الذي أنشئ قبل عقدين في جنوب دارفور، لم تعد حصص حساء الذرة التي كانت توزع على قاطنيه، متوافرة وتقول آمنة “كلنا مرضى وكذلك أطفالنا، ليس لدينا شيء نأكله والمياه ملوثة”.

ومنذ حرب دارفور في مطلع القرن الحالي، ولد في هذا المخيم وشبّ فيه جيل كامل، لكن مع اندلاع الحرب الأخيرة في 15 إبريل/نيسان العام الماضي -في الخرطوم هذه المرة- غادر الدبلوماسيون وعاملو الإغاثة البلاد، وحُرمت أكثر الفئات المحتاجة من المساعدة.

وأدى القصف الجوي والمعارك والنهب وقطع الطرق إلى زيادة عزلة أقاليم البلاد المترامية الأطراف، وتفيد الأمم المتحدة راهنا باستحالة الوصول إلى 90% من السودانيين الذين أصبحوا على حافة الجوع.

الموت جوعًا

وتحذر الأمم المتحدة من أن من بين هؤلاء “222 ألف طفل قد يموتون جوعا خلال أسابيع أو بضعة أشهر، وأكثر من 700 ألف طفل آخر قد يواجهون المصير نفسه هذا العام”.

وتفيد منظمة أطباء بلا حدود، بأن طفلا على الأقل يموت كل ساعتين في مخيم زمزم للاجئين في شمال دارفور، أما في مخيم كلمة بجنوب دارفور فمنذ 15 مارس/آذار يدخل 15 طفلا يوميا وحدة الرعاية المكثفة يموت منهم أكثر من طفلين كل 12 ساعة” بحسب منظمة آلايت غير الحكومية للمساعدات الإنسانية.

وذكرت مجلة لانسيت الطبية، أن مستشفى البُلُك للأطفال في أم درمان يستقبل “كل اسبوع 25 طفلا يعانون من سوء تغذية حاد ويموت اثنان أو ثلاثة منهم أسبوعيا”.

مستقبل السودان مهدد

ويعاني ثلاثة ملايين طفل من سوء التغذية، كما توقف 19 مليونا عن ارتياد المدرسة، وهو ما يهدد مستقبل السودان الذي تقل أعمار 42% من سكانه عن 14 عاما.

يقول آدم رجال الناطق باسم تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور إنه رأى “عشرات الأطفال يموتون”.

وتوقفت المساعدات الإنسانية بسبب عدم سماح الطرفين المتنازعين لمرورها في مناطق سيطرتهم إلى الجانب الآخر ولعدم وجود طرق يمكن نقلها من خلالها ولأن المصنع الذي كان ينتج المكملات الغذائية للأطفال في الخرطوم تم تدميره أثناء المعارك.

ونُهبت مصانع لقاحات الأطفال الحديثي الولادة، كما تنتشر الكوليرا والحصبة والملاريا في كل أنحاء السودان، وتضاف إلى الأخطار الصحية، أهوال الحرب وتبعاتها الاقتصادية.

بيع الأطفال

وتحذر منظمات سودانية بشكل متزايد من أن الكثير من العائلات تضطر إلى “بيع” أحد أبنائها لتتمكن من إطعام الباقين.

وتقول الأمم المتحدة إن الفتيات والنساء يقعن ضحايا لحوادث اختطاف وزواج قسري وعنف جنسي مرتبطة بالنزاع في دارفور وفي ولاية الجزيرة (وسط السودان) حيث يوجد عدد كبير من النازحين.

ويقول خبراء مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنهم جمعوا “معلومات حول نساء وفتيات يتم بيعهن في أسواق للرقيق في مناطق تحت سيطرة قوات الدعم السريع ومجموعات مسلحة أخرى، خصوصا في شمال دارفور”.

نزوح كبير من سكان مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور جراء الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع (رويترز)

أما الخطر المحدق بالصبية فهو من نوع آخر، فالجيش وقوات الدعم السريع والمليشيات القبلية والعرقية “تجند وتستخدم أطفالا في دارفور وكردفان والخرطوم وشرق السودان” وفق هؤلاء الخبراء الذين يضيفون أن بعض الأطراف ترغم كذلك “أطفالا جاؤوا من بلد مجاور على المشاركة في القتال”.

منذ الأيام الأولى للحرب، تظهر الصور واللقطات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي مراهقين يقفون في شاحنات صغيرة حاملين أسلحة آلية.

ولا يكف مسؤولو الأمم المتحدة عن التحذير من “كارثة جيل بكامله” في بلد كان، قبل الحرب، قرابة نصف أطفاله يعانون من “تأخر في النمو بنسبة 40%” ويعجز فيه 70% من تلاميذ المدارس في سن العاشرة عن قراءة وفهم جملة بسيطة.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية