نتائج الانتخابات المحلية التركية التي فاجأت الجميع.. هذه أهم رسائلها

الجزيرة مباشر حاورت مختصين في الشأن التركي

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بعد إعلان النصر (غيتي)

لأول مرة منذ أكثر من 20 عامًا، يحل حزب العدالة والتنمية ثانيًا في نتائج الانتخابات البلدية التي أجريت في تركيا الأحد الماضي.

فما الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع الكبير في أصوات الحزب الحاكم والتي جعلت الشعب الجمهوري يتصدر النتائج؟ وما دلالات ذلك؟ وإلى أي مدى تعزز هذه النتائج ترسيخ الديمقراطية في تركيا؟ الجزيرة مباشر حاولت الحصول على إجابات مختصين في الشأن التركي.

“الاختيار الخاطئ للمرشحين”

يرى سمير العبد لله، مدير وحدة التحليل السياسي بمركز حرمون للدراسات المعاصرة، أن عدم قدرة حزب العدالة والتنمية على كسب أصوات المتقاعدين الذين يُقدَّر عددهم بـ10 ملايين ناخب، أول الأسباب، ويضيف أن الأوضاع الاقتصادية والتضخم وارتفاع الأسعار وما شكّله من ضغط على المواطن التركي يأتي لاحقًا.

ويوضح أن الاختيار الخاطئ للمرشحين في المدن الكبيرة والصغيرة وابتعاد قيادات الحزب عن الشارع التركي، أدى دورًا في ذلك.

أنصار حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا يحتفلون بعد إعلان النصر في الانتخابات المحلية (الفرنسية)

تراجع الخطط الاقتصادية

أما أستاذ العلاقات الدولية الدكتور عصام عبد الشافي، فيرى أن الاقتصاد هو أهم مدخل لفهم النتيجة النهائية للانتخابات البلدية في تركيا.

ويقول إن هناك تراجعات حقيقية على العديد من المستويات التي تهم المواطن العادي، والتي ليس لها علاقة بالسياسات الخارجية للحزب الحاكم، من بينها: التضخم وارتفاع الأسعار وتأرجح سعر الليرة التركية بشكل شبه يومي، وأزمة السكن والإيجارات التي تفاقمت بنسب تصل إلى 400% خلال آخر 3 سنوات.

ويضيف عبد الشافي أن تراجع النظام في عدد من خططه الاقتصادية، ووعوده بالوصول بالفائدة إلى خانة الآحاد، لتصل في منتصف مارس/آذار 2024 -بعد 9 أشهر فقط من انتخابات الرئاسة التي أجريت في مايو/أيار 2023- إلى 50%، كان له دور في هذه النتيجة، ولا يرى أستاذ العلوم السياسية أي تحولات ناجمة عن التغير في السياسة الخارجية للحزب الحاكم.

“ترهل” داخل الحزب الحاكم

الباحث السياسي سعيد الحاج لا يختلف مع الطرح الاقتصادي كسبب، لكنه يضيف أن “الترهل داخل الحزب الحاكم الذي يحكم منذ 22 عامًا والتغيرات التي طرأت عليه وكذلك ضعف الأداء، وأيضًا بعض التحالفات الحزبية مع الأحزاب القومية، دفعت إلى التصويت الاحتجاجي لتكون رسالة تحذير للقيادة السياسية”.

ويرى سعيد الحاج أن نتائج هذه الانتخابات ستفتح شهية المعارضة وتزيد طموحها في حكم تركيا، وربما نرى أكرم إمام أوغلو -رئيس بلدية إسطنبول- مرشحًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وبشأن رد الفعل داخل النظام والمعارضة على نتائج هذه الانتخابات، فيراها الحاج تضيف إلى التجربة الديمقراطية بعدما قدّم الطرفان سلوكًا متزنًا.

قمصان تحمل صورة أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول (غيتي)

رسالة تنبيه

أما عبد المطلب إربا، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة صباح الدين، فيرى أن النتائج تعكس رسالة تؤكد أن “الشعب يريد دوام الحزب الحاكم (حكومة) ولكنه أعطى رسالة صفراء على أساس تنبيه الحكومة من خلال الانتخابات المحلية، وهذا لا يؤثر في السياسات العامة للحكومة حتى تصحح نفسها وخاصة في الجانب الاقتصادي”.

الكاتب محمد حسن الشبراوي ذكر أسبابا عدة، وكذلك ما تشير إليه نتائج الانتخابات، قائلًا “العامل الاقتصادي كان المحرك الرئيسي لخيارات الناخب التركي، واتخذت مسارين: المسار الأول تمثّل في التصويت العقابي ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم لصالح المعارضة، إذ تلونت خريطة البلديات باللون الأحمر في عموم تركيا وفي معاقل أصلية للحزب الحاكم، والمسار الثاني تمثّل في الامتناع عن التصويت”.

تصويت عقابي

يضاف إلى السابق عامل مستحدث فرضه العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، وموقف الحكومة من الاحتلال، الذي يراه الناخبون خاصة المحافظين لم يراوح عتبة الخطاب إلى اتخاذ مواقف عملية جادة لوقف الحرب.

الصحفي الفلسطيني محمد أبو طاقية أوضح أن “التصويت العقابي” في هذه الانتخابات تدفع الحزب الحاكم إلى إعادة النظر في سياساته “وعليه تطهير صفوفه التي شاب بعض عناصرها الفساد والسلوك غير المنضبط بعد حكم أكثر من 20 عامًا”.

ويُجمع المراقبون على أن هذه الانتخابات تشير إلى إيجابية التجربة الديمقراطية في تركيا مقارنة بمثيلاتها في دول المنطقة.

المصدر : الجزيرة مباشر