حرب عالمية على المقاومة الفلسطينية

كتائب الشيخ عز الدين القسام -السوري الأزهري- الذراع العسكرية لحركة (حماس)، أخذت زمام المبادرة في إطار معركة التحرير، التي تخوضها ضد المحتلين، وأطلقت عملية “طوفان الأقصى”، التي أحدثت دويًا في العواصم الأوروبية، لا يقل عن الذي حدث في عسقلان وتل أبيب!

حيث انكشفت المنظومة الدفاعية، ولم تصمد القبة الحديدية، ولا أغنى عنهم الجدار العازل، {لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ الله ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ (13) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ (14)} سورة الحشر.

ونشر موقع الجزيرة نتيجة استطلاع رأي أجرته وسائل إعلام عبرية مفاده أن: 94% من الإسرائيليين يعتقدون أن الحكومة هي المسؤولة عن انهيار منظومة الدفاع في غلاف غزة، وأن 67% منهم يرون هجوم 7 أكتوبر 2023 أكبر من فشلهم في 6 أكتوبر 1973.

وأعلنت وزارة التعليم في حكومة نتنياهو عن تأجيل الدراسة في الجامعات كلها إلى 5 نوفمبر المقبل، ومع ذلك ما زال في أصحاب المواقع والأقلام، ممن ينتسبون إلى العروبة والإسلام، مَن يقلل من آثار الطوفان الذي اجتاح الاحتلال، وهؤلاء أحد صنفين: إما من أسرتهم معاني الهزيمة وفقدوا ذائقة النصر، أو من الذين ينشرون الإحباط، ويبثون اليأس، ويُنظرون على المقاومة ويتأسفون على حال ‎غزة، ولو راجعت منشوراتهم القديمة، لوجدتهم أصحاب شعار: “فلسطين ليست قضيتي”، وليتهم صدقوا وتركوا القضية لأهلها، لكنهم يلبسون لكل جولة وجهًا، ويؤدون الدور الذي قام به المنافقون في مدينة النبي ﷺ، ولن ينالوا خيرًا كأسلافهم.

استنفار غربي

وفي المقابل رأينا استنفارًا غربيًا وأمريكيًا عارمًا، واصطفافًا كاملًا مع الاحتلال الصهيوني، حيث سارعت ‎أمريكا للإغاثة بحاملة طائرات عملاقة، وسمحت ألمانيا باستخدام طياراتها المسيّرة، وتسعى للإمداد بقطع الغيار اللازمة، أما فرنسا فتركت معركتها مع البق والحشرات، ورأت في الانخراط في أتون المعركة مهربًا لها من أزماتها، حتى تفرغت برامجها الكبرى لمتابعة اللاعبين الأجانب الذين لم ينشروا عن تعاطفهم مع إسرائيل! وباقي أوروبا فتحت جسرًا جويًا لأصحاب الجنسيات المزدوجة من العسكريين، الذين خدموا في جيش الاحتلال، بما ينسف مجددًا أكذوبة الجيش الذي لا يقهر، وإلا فلمَ كل هذا الحشد الدولي؟ وكأنها حرب عالمية، تستعيد روح الحروب الصليبية، في مواجهة كتائب غير نظامية بأسلحة محلية، ولا يجرؤ أن يتعاطف معها أحد، وإلا وصف بالإرهاب أو حل به العقاب، كما أعلن وزير العدل الفرنسي: أن التعاطف مع غزة أو تأييد فلسطين على وسائل التواصل، جريمة عقوبتها من خمس إلى سبع سنوات، ولا يعد هذا من باب حرية التعبير!

بل إن الرئيس الأمريكي بايدن تبنى الرواية العبرية، التي أشاعت أن حماس قطعت رؤوس الأطفال، ثم تبين بعدها كذب الخبر، بما نسف مصداقية الدعاية الصهيونية، وكشف أن بايدن ينقل عنهم دون النظر في صحة الخبر، ثم أرسل وزير خارجيته أنتوني بلينكن إلى تل أبيب، وصرّح من هناك قائلًا:

“لم آتِ إلى ‎إسرائيل كوزير خارجية فقط، ولكن كوني يهوديًا فرَّ جده من القتل”.

وهناك من بني جلدتنا من يطلب العدل من العدو، ويستجير من الرمضاء بالنار، لكن “طوفان الأقصى” نزع أقنعة الوحوش الكاسرة، وعرّى الطائفة الخانعة.

دور المتفرج

وفي مقابل النفير الغربي، اكتفت غالبية الدول العربية والإسلامية بدور المتفرج، أو من ينتظر الإذن للقيام بالدور المحدد، في حين أن فلسطين تحدها أربع دول عربية: مصر وسوريا والأردن ولبنان، ولو تقدمت كل بلد منها تجاه فلسطين بخطوة واحدة ونية صادقة، لتغيرت المعطيات على الأرض، وإن فقدنا الأمل في الحكومات، فما زالت شعوبنا حية، وفي يدها الكثير الذي تستطيع أن تقدمه من وسائل الدعم والمساندة، وأقلها أن تشهد الميادين والساحات طوفانًا هادرًا مؤيدًا لـ”طوفان الأقصى”.

لا بد من الدعوة إلى النفير العام وشد الرحال، بداية بأهل فلسطين وأكناف بيت المقدس، ويتأكد الوجوب على دول الجوار، وتتسع الدائرة لتشمل كل قادر على النصرة، ويبقى الحمل الأكبر في هذه المعركة على عاتق العلماء الهداة، والأساتذة الدعاة، لأن إسقاط الإسلام من معركة مع كيان اسمه “إسرائيل”، وعلى أرض يعدّونها “أرض الميعاد”، لهو أول ملامح الخسارة، ولولا أن ثلة من كبار العلماء والمؤسسات قاموا ببعض فرض العين، لأثم علماء العالم، فقد كان سماحة مفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مبادرًا كعادته، وأثبت أنه يمثل صوت الأمة، وكذلك فضيلة الشيخ الصادق الغرياني مفتي ليبيا، صاحب الهمة العالية، والمواقف الصادقة، كما أعلن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن لجنة متابعة يومية يطل من خلالها علماء الاتحاد على جماهير الأمة، بكلمات التأييد والترشيد، وتوج هذه المواقف المشرفة، بيانات مشيخة الأزهر الشريف، التي واكبت الحدث، وكانت لسان صدق عبّر عن ضمير الأمة، وجاء في بيان الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب: أن ما يحدث في فلسطين أعاد لنا الثقة، وأحيا في الأمة الأمل، مما جعل قائد المقاومة أبو العبد هنية يتصل بشيخ الأزهر، ويشكره على مواقفه الثابتة الصادقة، وهذه المواقف لا ينساها التاريخ للمجاهدين المرابطين، ولا للأئمة الصادقين، وقريبًا يفرح المؤمنون بنصر الله.

المصدر : الجزيرة مباشر