الزيارة الثانية لأفغانستان.. «توابع الزلزال»3/1

في الحادي عشر من أكتوبر الماضي وقع زلزال قوي في ولاية هرات إحدى محافظات أفغانستان، أي بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى بأربعة أيام، ونظرا لأن العدوان على غزة تتابع بصورة غير مسبوقة، وعملت آلة القتل عملها في الأطفال والعجائز، والمدنيين والمرضى في المستشفيات، فقد سيطرت أخبار الحرب على وسائل الإعلام وتوارت إلى جوارها أخبار مهمة، كاستشهاد قرابة ثلاثة آلاف بزلزال هرات.

وفي هذه الأثناء جاءت دعوة كريمة من وزارة الخارجية الأفغانية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لزيارة إخوانهم في الإمارة الإسلامية، وتشكل الوفد بالتنسيق مع وزارة الخارجية القطرية، التي وجدتها فرصة مواتية، لتقديم المساعدات الإنسانية لمنكوبي الزلزال وأهالي الضحايا، وجهزت مع الوفد طائرتين كبيرتين فيهما صنوف مختلفة من الإغاثة.

وسافر الوفد يوم الخميس 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 برئاسة فضيلة الأمين العام الدكتور علي القره داغي، ومعه من مجلس الأمناء فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، والدكتور نواف تكروري، والدكتور عبد الحي يوسف، والدكتور علي الصلابي، والدكتور محمد سالم اليافعي، وكاتب السطور، كما رافق الوفد الدكتور محمد نعيم سفير الإمارة الإسلامية في الدوحة. واستغرقت الرحلة ثلاث ساعات وربع إلى مطار كابل، وكان في استقبالنا في المطار المولوي الحاج خليل الرحمن حقاني وزير المهاجرين، والمولوي مطيع الرحمن خالص رئيس الهلال الأحمر الأفغاني، وعدد من المسؤولين في الحكومة.

وفد علماء المسلمين مع وزير الخارجية أمير خان متقي

ثم استقبلنا المولوي أمير خان متقي وزير الخارجية في مقر الوزارة، حيث رحب بالوفد وشكر المساعي الحميدة لدولة قطر، في اهتمامها بقضايا الأمة، وجهدها المقدر سياسيا وإعلاميا ضد العدوان على غزة ونصرة قضية فلسطين، وخص بالشكر وزيرة التعاون الدولي السيدة لولوة الخاطر ومواقفها الشجاعة في زيارة غزة أثناء الحرب، كما أثنى على الاتحاد بكونه مظلة جامعة ومرجعية علمائية للمسلمين، وثمن جهود الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في الدفاع عن الجناب النبوي ورد مطاعن الشانئين.

وتحدث بعده المولوي صبغة الله وصيل وكيل وزارة التعليم، الذي اشتهر بحسن بيانه ولغته العربية البليغة، ولا سيما حديثه عن غزة الذي بلغ الآفاق، وتناقلته وسائل التواصل بكثافة، وأكد أهمية تتابع زيارات العلماء للإمارة، ومد الجسور بينها وبين الأمة، وقال عن زيارتنا الأولى لهم قبل عام: ينطبق عليها قول الصحابي الجليل كعب بن مالك، للصحابي الكبير طلحة بن عبيد الله لما قام إليه بعد توبة الله عليه: والله لا أنساها لطلحة!

في اليوم الثاني التقينا خليفة سراج الدين حقاني وزير الداخلية، وكان إلى جواره المولوي عبد الهادي المجاهد أحد قدامى العلماء المجاهدين، الذين شهدوا هزيمة الاتحاد السوفيتي ومن تلاه، وكانت حفاوته بادية، وكرامته ظاهرة، ولما صافح فضيلة الشيخ الددو قال له: إن لي وردا يوميا، أستمع فيه إلى دروسك!

كما شهد اللقاء أيضا الشاعر المجاهد أنس حقاني شقيق الوزير الأصغر، وصاحب القصة المشهورة سواء في القبض عليه، أو فك أسره عن طريق التبادل، وفي مساء اليوم نفسه جاء الشيخ أنس إلى مكان إقامتنا، وقال التقينا صباحا لقاء رسميا، وجئت الآن للقاء الأخوي، وكان كذل. والحقيقة أن آل حقاني جميعا، إضافة إلى ما يجمعهم مع بني جلدتهم من إكرام الضيف والحفاوة الكبيرة به، فإنهم يُشعرون العلماء بمزيد إجلال وتكريم، بِرًّا بوالدهم الإمام جلال الدين حقاني، رمز المدرسة العلمية الحقانية بأفغانستان.

وخلال هذه الاجتماعات كانت إذا حضرت الصلاة، اصطف الجميع بكل تقدير وتقديم، خلف فضيلة الشيخ علي محيي الدين القره داغي الذي يؤم الجميع، وأكثر ما تناقلته وسائل الإعلام عن الزيارة كانت صورة صلاة الجماعة، وكل تحدث عنها بطريقته ومن خلال وجهة نظره، فكنت أكرر قول الشاعر:

وإِذا أرادَ اللّهُ نشرَ فضيلةٍ * طويتْ أتاحَ لها لسانَ حسودِ

لولا اشتعالُ النارِ فيما جاورَتْ * ما كان يعرفُ طِيبُ عَرْفِ العُودِ

وكان للزيارة عند فضيلة الدكتور علي الصلابي وقعها الخاص، ولا سيما في اللقاء الذي كان جديدًا علينا جميعا، عند بقية الصالحين، ونجل المؤسس أمير المؤمنين، الملا محمد يعقوب ابن الملا عمر في مقر وزارة الدفاع.

وفد اتحاد علماء المسلمين في كابل
المصدر : الجزيرة مباشر