إيمان البحر درويش.. الصورة المؤلمة!

الفنان إيمان البحر درويش في احدى حفلاته

 

نشرت “أمنية” ابنة الفنان المصري إيمان البحر درويش (مولود عام 1955) أمس (الثلاثاء) صورة لوالدها ممددا بلا حراك على فراش المرض، في حالة شبه غيبوبة. الصورة شديدة الإيلام لنفس كل إنسان يمتلك قلبا وإحساسا وضميرا حيا، فما أصعب أن ترى إنسانا بلا حول ولا قوة، وقد كان ملء السمع والبصر حتى وقت قريب.

“الحالة الصحية” للفنان إيمان البحر حفيد فنان الشعب سيد درويش (1892- 1923)، وكما تشي بها الصورة المنشورة، في تدهور، وانهيار مرعب ومثير للحزن والأسى، والتعاطف الوجداني مع هذا الفنان الجميل الذي لطالما أسعدنا على مدار سنوات طويلة، بما قدمه، وهو الكثير من الأغاني الرائعة فنا وقيمة ومعنى. عقب نشر الابنة “الصورة”، جرى تداولها بشكل واسع وسريع على مواقع التواصل، وتعددت التفسيرات والتأويلات، وتناقضت، كما هو حال الجدال دائما على هذه المواقع التواصلية. هناك مَن ذهب بالتفسير إلى أنه كان محبوسا، لأسباب سياسية على خلفية انتقاده أداء الحكومة. غيره ذهب إلى أن هذه الحالة بفعل القهر الذي تعرّض له، لا سيما وأنه مختفٍ ولم يظهر منذ عامين، وثالث أرجعها إلى أزمات صحية.

مداخلات تلفزيونية.. ابنة إيمان البحر درويش.. ونقيب الموسيقيين

لا أحد يعرف الحقيقة، فقد سبق لابنته “أمنية” ذاتها، أن نفت في حينه، التكهنات بالقبض عليه.. كما أنها في مداخلة هاتفية لقناة (إم بي سي مصر) مع الإعلامي شريف عامر مساء الثلاثاء، عللت سبب حالته الصحية بتعرضه لـ”أزمة”، واكتفت بذلك دون الكشف عن ماهية هذه الأزمة ونوعها أو تفاصيلها. مداخلة “أمنية” جاءت ردا على محامٍ حاول استغلال الحالة الصحية للفنان الجميل، ربما ترويجا لنفسه، مُدّعيا أنه وكيله القانوني، وانهال هجوما على الفنان طريح الفراش، في مسلك مُستهجَن، بينما أكدت “أمنية” أن والدها ألغى وكالة هذا المحامي منذ مدة طويلة. مما قالته “أمنية” في المداخلة مع “عامر”، أن أحدا لم يسأل عن والدها طوال عامين، بينما بدا أنه رد على نقيب الموسيقيين الفنان مصطفى كامل، الذي كان قد سبقها بدقائق في مداخلة هاتفية مع عامر أيضا، أبدى فيها استعداد النقابة للوقوف مع الفنان إيمان البحر درويش، ماليا ومعنويا.

 النقابة ورقم هاتف إيمان البحر درويش.. وعنوان منزله

نقيب الموسيقيين (مصطفى كامل) كان قد ملأ الدنيا عبر المواقع الصحفية (الثلاثاء) بتصريحاته، حول هذا المعنى ذاته، متعللا بأن النقابة تبحث عن رقم هاتف الفنان إيمان البحر درويش. ثمة أسئلة في هذا الصدد عصية على التجاهل، ولا مَهرب منها.. هل من المتصور أن إيمان البحر درويش وهو في هذه الحال المتردية، يمسك بهاتفه الجوال في انتظار اتصال أو مكالمة نقيب الموسيقيين مصطفى كامل أو غيره؟! ألا تعرف نقابة الموسيقيين عنوان منزل الفنان الذي كان نقيبا سابقا لها؟ لماذا لم يصطحب الفنان مصطفى كامل مجلس النقابة، ويتحرك فورا إلى حيث يقيم “درويش”، ولا بد أن عنوان سكنه معلوم للنقابة ولمن أراد الوصول إليه بجدية؟ أم إن النقابة تغسل يديها من خطيئة الإهمال والتجاهل لفنان بقيمة وقامة إيمان البحر درويش؟ أين كانت النقابة طوال عامين؟ لماذا لم تسأل عن إيمان البحر درويش وقد كانت أزمته مع الحكومة مشهودة على الملأ؟ معلوم أن مصطفى كامل النقيب الحالي يتولى هذه المنصب منتخبا منذ أشهر قليلة، لكن أين كان ومعه مجلس النقابة من أزمة إيمان البحر درويش طوال هذه الأشهر؟ هل خلاف عضو النقابة (أي نقابة) مع الحكومة، يمنع وقوف نقابته معه ومساندته، مُمارسةً لدورها الواجب قانونا وأخلاقا؟ ما قيمة أو أهمية النقابة (أي نقابة) لأعضائها، إذا لم تقف معهم في الشدائد؟

هاني شاكر نقيب الموسيقيين السابق.. أين كان من أزمة إيمان البحر درويش؟

أين كان نقيب الموسيقيين السابق “هاني شاكر” ومجلسه، في الفترة التي سبقت مصطفى كامل؟ ولماذا لم يقم بالواجب النقابي من مساندة لعضو النقابة ونقيبها سابقا (إيمان البحر درويش) طوال فترة توليه نقيبا؟ من السخف أن يبرر مصطفى كامل إهمال النقابة في رعاية أحد أعضائها (إيمان البحر درويش) بأنه لا يستطيع التواصل معه، وأن يقول إنه يبحث عن رقم هاتفه أو أن تليفونه لا يرد، أو يتعلل بأنه أرسل رسالة على “ماسينجر فيسبوك” إلى ابنته ولم ترد. الإنصاف يقتضي أن أمنية البحر درويش، قالت في المداخلة، إنها لم ترد على أحد طوال اليوم (الثلاثاء).. ربما أرادت القول بطريقة مُهذبة “فات الأوان”، ولم يعد لاتصالك أنت أو غيرك أهمية، بعد أن وصلت حالة والدها إلى هذه الحالة التي لا تسُر.

مليشيات إلكترونية.. وجلد الابنة لشعورها بافتقاد والدها!

المثير للاستغراب إلى حد الذهول، هو التقريع والتأنيب والجلد والهجوم الذي مارسته طائفة من رواد التواصل الاجتماعي على “أمنية”، لنشرها صورة والدها (إيمان البحر درويش) بهذه الحالة الصحية السيئة. هذا الهجوم، الذي بدا كما لو كان غارات مكثفة تشنها مليشيات إلكترونية منظمة، لا أدرى من الذي أعطى هؤلاء الحق في لوم ابنته وجلدها بقسوة على نشر صورة والدها وهو في حالته هذه؟ ألا يكون في نشر الصورة كلام وحديث اختارت الابنة أن تصمت عنه؟ أليس في نشرها للصورة إدانة لنقابة الموسيقيين وأهل الفن ومُحبي الفنان والمجتمع ككل على إهماله طوال عامين كاملين، وتجاهله لفنان تميز فنه بالأصالة، وظل طوال حياته يحترم فنه، ولم يهبط إلى الإسفاف والابتذال، كما يفعل غيره؟

مهلًا أيها الجلادون.. ألا تستحون؟ رفقًا بالابنة وهي تتحسر على والدها، وتشعر بافتقاده، فلا يشعر بالألم إلا من كابده، والمثل الشعبي يقول: “ليس الذي يده في النار، كالذي يده في الماء”.

نسأل الله الشفاء العاجل والعافية والسلامة للفنان الجميل إيمان البحر درويش.

المصدر : الجزيرة مباشر