نيويورك تايمز: المصريون يشترون الذهب ويبيعونه للنجاة من الأزمة الاقتصادية

الذهب ملاذ مالي آمن مع تراجع قيمة الجنيه المصري
الذهب ملاذ مالي آمن مع تراجع قيمة الجنيه المصري (رويترز)

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير لها من سوق خان الخليلي في القاهرة القديمة، إن المصريين يُقبلون على شراء الذهب والعقارات والسيارات نظرا لأنها “ملاذ مالي آمن”، ووسيلة للحفاظ على قيمة مدخراتهم مع التراجع المستمر لقيمة الجنيه المصري.

وفي الوقت نفسه، يضطر المصريون إلى بيع ما لديهم من ذهب لمواجهة ارتفاع نفقات المعيشة مع موجات متلاحقة من التضخم.

من بينهم رانيا حسين، التي توجهت مع والدتها إلى سوق الذهب في خان الخليلي لبيع بعض الحلي الذهبية، لسداد نفقات زواج أخيها.

وقالت رانيا لمراسل نيويورك تايمز إن الأزمة الاقتصادية أجبرتها على إغلاق عملها في تصميم الملابس، وأدت إلى تآكل ثلاثة أرباع دخل شقيقها المقدم على الزواج، وإنه لم يبق أمام أسرتها خيار سوى بيع هدايا ذهبية سبق أن قدمتها لوالدتها لكي تساعد شقيقها.

وذكر سعيد إمبابي، مؤسس موقع “آي صاغة” على الإنترنت لمتابعة تجارة الذهب، أن المصريين اعتادوا بشكل تقليدي شراء الذهب باعتباره وسيلة للادخار في الأجل الطويل، غير أن المضاربين في سوق الذهب يُقبلون الآن على شراء العملات والسبائك الذهبية بهدف تحقيق ربح سريع. وكانت النتيجة أن تضاعف الطلب على الذهب، مما أدى إلى ارتفاع مستمر في أسعاره. ومع النمو السريع في سوق الذهب، أعلنت الحكومة المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أنها دخلت في شراكة مع شركة تكنولوجيا مالية لتركيب ماكينات صرف آلي تصرف سبائك ذهبية بدلا من النقود.

إقبال على سبائك الذهب لسهولة بيعها وقت الحاجة
إقبال على سبائك الذهب لسهولة بيعها وقت الحاجة (رويترز)

وأوضح التقرير أن المضاربات أضرت كثيرا بسوق الذهب في خان الخليلي وغيره من أسواق الذهب الكبيرة في العاصمة المصرية، إذ يواجه أصحاب محال الصاغة تقلبا مستمرا في أسعار المواد الخام اللازمة لصنع القلائد والخواتم وغيرها من المشغولات الذهبية.

ويشكو أمير صلاح، أحد أصحاب محال الصاغة، من تقلب أسعار الخامات قائلا “لا أستطيع العمل لأنه لا يوجد سعر ثابت يمكن على أساسه بيع الذهب”.

تأثير أزمة الدولار

وأشارت الصحيفة إلى أن سنوات من سوء الإدارة الاقتصادية والإنفاق المتهور بلغت ذروتها في مصر عام 2022، عندما قامت روسيا بغزو أوكرانيا، لتدخل مصر في أزمة اقتصادية، إذ تستورد القمح والذرة وغيرها من المواد الغذائية الأساسية التي ارتفعت أسعارها بعد الحرب.

وبعدها جاءت الحرب في غزة لتزيد من مشكلات مصر الاقتصادية مع تراجع عائدات السياحة، وانخفاض إيرادات قناة السويس إلى نصف ما كانت عليه قبل الحرب، بسبب تراجع عدد السفن التي تمر في البحر الأحمر.

ونتيجة الطلب الكبير على الدولار في مصر لتمويل الواردات وأقساط الديون، مع تراجع المعروض منه، ارتفع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، الذي يؤدي بالتبعية إلى ارتفاع سعر الذهب.

مشروع رأس الحكمة

ونقلت نيويورك تايمز عن محللين قولهم إن تدفق مليارات الدولارات إلى الحكومة المصرية نتيجة قيام الإمارات بالاستثمار في مشروع رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار سيساعد مصر على سداد أقساط ديونها هذا العام، لكن لا بد أن تقوم مصر بإصلاحات اقتصادية واسعة للخروج من الأزمة.

وتتضمن هذه الإصلاحات تخفيض الإنفاق الحكومي، وزيادة الصادرات، وزيادة استثمارات القطاع الخاص، والحد من سيطرة الجيش على الاقتصاد.

ونقلت الصحيفة عن طارق توفيق، رئيس غرفة التجارة المصرية الأمريكية، قوله إن صفقة رأس الحكمة تُعَد “تغييرا لقواعد اللعبة، لكن السؤال هو: كيف ستستخدم الحكومة هذه الأموال؟”.

المصدر : نيويورك تايمز