تستهدف الإقامة والعمل والدراسة.. إسرائيل تفرض قيودا جديدة على دخول الضفة الغربية

ناشطة حقوقية إسرائيلية تنتظر السماح لتلاميذ مدارس فلسطينية بالعودة إلى منازلهم (غيتي أرشيف)

تستهدف إجراءات إسرائيلية جديدة نُشرت في فبراير/ شباط الماضي، الأجانب الراغبين في الإقامة أو العمل أو الدراسة أو ممارسة نشاط تطوعي في الضفة الغربية المحتلة، كما أنها تؤثر في عدد كبير من الطلاب.

وتوافد على مكتب المحامي راسم كمال في رام الله في الأشهر الأخيرة، عدد من الأجانب القلقين من هذه الإجراءات الجديدة التي سيبدأ تطبيقها يوم الاثنين للحد من الدخول إلى الضفة الغربية والإقامة فيها.

وهذه الإجراءات الجديدة تستهدف، الأجانب الراغبين في الإقامة أو العمل أو الدراسة أو ممارسة نشاط تطوعي في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967، وتؤثر في عدد كبير من الطلاب في إطار برنامج (إيراسموس).

وبرنامج إيراسموس، هو برنامج الاتحاد الأوربي للتبادل التعليمي الذي تم إطلاقه عام 1987 بهدف تسهيل حركة الطلاب عبر مؤسسات التعليم العالي بالاتحاد الأوربي.

ومنذ ذلك الحين استطاع برنامج إيراسموس تقديم المساعدة لملايين الطلاب على التنقل عبر أكثر من 4 آلاف جامعة بأكثر من 30 دولة في أوربا، مع توفير فرص للتبادل التعليمي بين الطلاب والأساتذة من دول الاتحاد الأوربي ومن دول خارج الاتحاد.

تفرض معايير تدخلية ومبهمة

وتأجل تطبيق هذه الإجراءات مرتين بسبب اعتراض 19 مدعيا أمام محكمة الاحتلال العليا، ومن بين الذين طعنوا فيها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية (هاموكيد) التي تصفها بأنها “مقيِّدة إلى أقصى حدّ وتفرض معايير تدخلية ومبهمة”.

ولن يتمكن أي أجنبي يرغب في دخول الضفة الغربية من الحصول على تأشيرة عند الوصول إلى إسرائيل، بل سيتعين عليه طلبها قبل 45 يومًا وتحديد ما إذا كانت لديه عائلة من الدرجة الأولى في الضفة الغربية وما إذا كان يمتلك أرضًا أو قد يرث أرضًا.

ولن يتمكن الأجانب بعد الآن من الدخول عبر مطار تل أبيب إلا في حالات استثنائية، وعليهم الدخول عن طريق جسر الملك حسين بين الأردن والضفة الغربية والمعبر الذي تسيطر عليه إسرائيل.

وتفرض الإجراءات الجديدة التي تقع في 97 صفحة في بعض الحالات كفالة قد تصل إلى 70 ألف شيكل (نحو 20 ألف يورو) وكذلك أن يمضي صاحب التأشيرة عدة أشهر خارج الضفة الغربية قبل الحصول على تأشيرة ثانية.

ومنذ نشر هذه القواعد الجديدة، يتوجه الأجانب الذين يعملون في الضفة الغربية إلى مكتب المحامي راسم كمال الذي قال إنهم يعرفون أنه عند تطبيق القواعد فإن قدرتهم على القدوم ستقيَّد، ولذلك فإنهم يريدون الحصول على إصدار وكالات لأقربائهم الفلسطينيين.

قيود صارمة

وكشفت منظمة (هاموكيد) الإسرائيلية لحقوق الإنسان أن الإجراءات الجديدة وضعت قيودًا صارمة أمام تمديد التأشيرات، وفي معظم الحالات يتعين على الشخص المغادرة والبقاء في الخارج وقد تكون المدة في بعض الأحيان سنة قبل أن يتمكن من التقدم للحصول على تأشيرة جديدة.

وأكدت أن الإجراء سيكون له تأثير مباشر على زوجات وأزواج الفلسطينيين الأجانب الذين سيضطرون إلى المغادرة عند انتهاء صلاحية تأشيراتهم، مما يحرم آلاف العائلات الفلسطينية من الحق في العيش معًا دون انقطاع ومن أن يعيشوا حياة أسرية طبيعية.

وأدانت المنظمة الإسرائيلية هذه الإجراءات مشيرة إلى أن طلبات الحصول على تأشيرة قد يتم رفضها من دون تبرير.

تأثير خطير في العمل الإنساني

يقول الطبيب الكندي بنجامين تومسون مدير المشروع الإنساني “مفاتيح الصحة” وهو أحد الذين تقدموا بالطعن إلى المحكمة العليا “سيكون لهذه الإجراءات الوحشية أيضًا تأثير خطير في العمل الإنساني”.

وشرح ذلك بأن القوانين الجديدة ستمنع العديد من المهنيين الصحيين من دخول الضفة الغربية، مستنكرًا حالة من عدم اليقين تلوح بشأن منح تأشيرات لمنظمته التي تدرّب أطباء فلسطينيين.

وبررت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التابعة لوزارة الدفاع إجراءاتها بأنها “تجعل من الممكن إدارة طلبات التأشيرات بطريقة أكثر فاعلية وأكثر تكيّفًا مع الظروف المتغيرة في الوقت الحالي”.

نشطاء ومتضامنون مع أهالي حي الشيخ جراح (غيتي)

انتقادات أوربية

ولقيت السياسة الجديدة انتقادات حتى من المفوضية الأوربية بسبب الحصص المفروضة على أساتذة الجامعات (150 في السنة) والطلاب الأجانب (100) الذين يذهبون إلى الجامعات الفلسطينية.

وفي عام 2020، حضر 366 من الطلاب والأساتذة الأوربيين إلى هذه المؤسسات، وقالت مفوضة التعليم في الاتحاد الأوربي، إن هذه القيود تتعارض مع أهداف برنامج التبادل إيراسموس.

وقالت “بينما تستفيد إسرائيل بشكل كبير من برنامج إيراسموس، ترى المفوضية أنه ينبغي لها أن تسهّل لا أن تعيق وصول الطلاب إلى الجامعات الفلسطينية”. وقد توجه 1803 طلاب وأساتذة إسرائيليين إلى جامعات أوربية عام 2020.

وأكدت مديرة منظمة (هاموكيد) أن الإجراءات الجديدة “تهدف إلى تقييد نمو السكان الفلسطينيين من خلال لمّ شمل الأسرة ومنع ترسيخ وجود الأجانب في الأراضي التي يبلغ عدد سكانها 2.9 مليون فلسطيني ويعيش فيها 475 ألف مستوطن إسرائيلي”.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية