وليد دقة.. استشهاد مفكّر الحركة الأسيرة بعد 38 سنة في سجون الاحتلال حارب خلالها “سرطانَين”

إلى جانب سرطان النخاع النادر، حارب دقة “سرطان” الاحتلال الذي اختطف شبابه وحريته منذ عام 1986

استشهد الأسير الفلسطيني وليد دقة (62 عامًا)، مساء الأحد، بعد 38 سنة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، متأثرًا بإصابته بسرطان نادر وسط إهمال طبي متعمد.

وأعلنت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، في بيان مقتضب، عن استشهاد دقة داخل مستشفى “آساف هروفيه” من مدينة باقة الغربية بأراضي الـ48، جرّاء سياسة الإهمال الطبي المتعمد “القتل البطيء التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى.

وجاء استشهاد دقة بعد يوم واحد من تجديد منظمة العفو الدولية مطالبتها لإسرائيل بإطلاق سراح دقة المصاب بسرطان النخاع الشوكي على خلفية تعرضه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي للتعذيب والإهانة والإهمال الطبي.

مفكّر الحركة الأسيرة الذي واجه “سرطانَين”

واستهدف الاحتلال دقة بشكل خاص، لكونه مفكّر الحركة الأسيرة وأديبها وأبرز كتابها، فقد أغنى دقة من فكره وخلاصة تجربته الثورية وحراكه الثقافي في سجون الاحتلال مكتبة المقاومة بالعديد من الإصدارات النضالية والفكرية والأدبية.

وإلى جانب سرطان النخاع الشوكي النادر، حارب دقة “سرطان” الاحتلال الذي اختطف شبابه وحريته منذ عام 1986.

سلسلة انتهاكات

وتدهور الوضع الصحي للأسير وليد دقة منذ شهر مارس/آذار من العام الماضي، أي قبل 3 أشهر من موعد تحرره السابق، نتيجة إصابته بالتهاب رئوي حاد، وقصور كلوي حاد، إلى جانب إصابته بسرطان التليف النقوي في 18 ديسمبر/كانون الأول من العام 2022، وهو سرطان نادر يصيب نخاع العظم، والذي تطور عن سرطان الدم الذي شُخص به قبل نحو 10 سنوات، وتُرك من دون علاج جديّ.

وفي شهر إبريل/نيسان من العام الماضي، خضع الأسير دقة لعملية جراحية جرى خلالها استئصال جزء من رئته اليمنى، ثم جرى نقله إلى “عيادة سجن الرملة”.

وفي 22 مايو/أيار تعرض لتدهور إضافي، ونقل إلى مستشفى “أساف هاروفيه”، جراء معاناته من مضاعفات عملية الاستئصال، بسبب الاختناق التنفسي الشديد جدًا، والتلوث.

وبعد نقله إلى المستشفى خضع لعملية قسطرة، بسبب قصور ملحوظ في عضلة القلب، وبعد 3 أيام أعادت سلطة السجون الأسير دقة إلى “عيادة سجن الرملة”، مما تسبب له بتدهور جديد، ونقل مجددًا إلى مستشفى “أساف هاروفيه”، ثم أعيد إلى الرملة.

تجدر الإشارة إلى أن الأسير دقة تعرض لجملة من السياسات التنكيلية على خلفية إنتاجه المعرفي بشكل خاص، وسعت إدارة سجون الاحتلال للاستيلاء على كتاباته وكتبه الخاصة، كما واجه العزل الانفرادي، والنقل التعسفي.

وسبق وأن اتهمت منظمات حقوقية دولية وفلسطينية، بينها هيئة الأسرى والمحررين (رسمية) ونادي الأسير الفلسطيني (أهلي)، إسرائيل بإهمال علاج دقة، مما أدى إلى تفاقم وضعه الصحي.

“حماس”

ونعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشهيد دقة، وقال زاهر جبارين رئيس مكتب الشهداء والجرحى والأسرى بالحركة، في بيان “نزف الأسير الشهيد القائد وليد دقة ونجدد عهدنا مع الأسرى حتى نيلهم الحرية”.

وأكد أن دقة عانى خلال سنوات أسره الطويلة، من مرض السرطان، “ومن الإهمال الطبي المتعمّد والمفضي للقتل في سجون الاحتلال النازي”.

وختم بأن “جرائم المأفون (الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار) بن غفير في حق الأسرى، والتي كان آخرها استشهاد وليد دقة، هي محاولة لإفشال جهود الوسطاء، ووضع العراقيل أمامهم”.

من هو الأسير دقة؟

اعتقل الأسير دقة، في 25 مارس 1986 إلى جانب مجموعة من رفاقه وهم: إبراهيم أبو مخ، ورشدي أبو مخ، وإبراهيم بيادسة، بتهمة اختطاف وقتل جندي إسرائيلي في 1984.

يذكر أن الاحتلال أصدر بحقه حكمًا بالسجن المؤبد، جرى تحديده لاحقًا بـ37 سنة، وأضاف الاحتلال عام 2018 على حُكمه عامين ليصبح (39) سنة.

يُشار إلى أن دقة أحد الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاق أوسلو، وعددهم 24 أسيرًا، وارتبط عام 1999 بزوجته سناء سلامة، وفي فبراير/شباط 2020، رزق وزوجته بطفلتهما “ميلاد” عبر النطف المحررة.

وخلال مسيرته الطويلة في الاعتقال أنتج العديد من الكتب والدراسات والمقالات، وأسهم معرفيًا في فهم تجربة السجن ومقاومتها، ومن أبرز ما أصدره الأسير دقة: “الزمن الموازي”، “ويوميات المقاومة في مخيم جنين”، “وصهر الوعي”، و”حكاية سرّ الزيت”.

وينحدر دقة من مدينة باقة الغربية (شمال) داخل أراضي 1948 (الداخل الفلسطيني).

وبهذا يرتفع عدد الشهداء في سجون الاحتلال إلى 14، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وباستشهاده ترتفع حصيلة شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 251 شهيدًا.

وتعتقل إسرائيل في سجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و100 أسير فلسطيني، وزادت أوضاعهم سوءًا منذ أن بدأت الحرب على قطاع غزة.

وخلّفت الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ 6 أشهر أكثر من 100 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلًا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، حسب بيانات فلسطينية وأممية.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات